للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[نقص قيمة الشهادات مع أرباحها عن قيمتها لا يحل الفائدة]

المفتي

جاد الحق على جاد الحق.

محرم ١٤٠٢ هجرية - ٢ نوفمبر ١٩٨١

المبادئ

١ - شهادات الاستثمار من الفئة (ب) ذات الفائدة المحددة مقدما زمنا ومقدارا.

داخلة فى ربا الزيادة المحرم شرعا. ٢ - نقصان قيمة الشهادات الشرائية مع أرباحها عن قيمتها وقت شرائها لا يكون مبررا لحل فوائدها الربوية

السؤال

بالطلب المتضمن أن السائل أهديت له شهادات استثمار من الفئة (ب) ذات العائد الجارى من والده بمناسبة زواجه وهى فى حوزته إلى الآن.

وقد استحق صرفها حاليا ولها أرباح عن فترة حيازته لها.

والسؤال هل هى حلال بأرباحها.

علما بأن قيمتها الشرائية الآن مع أرباحها أقل من قيمتها وقت الإهداء والشراء

الجواب

اصطلح فقهاء الشريعة على أن ربا الزيادة هو زيادة مال بلا مقابل فى معاوضة مال بمال.

وقد حرم الله الربا بالآيات الكثيرة فى القرآن الكريم.

وكان آخرها نزولا على ما صح عن ابن عباس رضى الله عنهما قول الله سبحانه وتعالى {الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون.

يمحق الله الربا ويربى الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم} البقرة ٢٧٥، ٢٧٦، وحرمه كذلك بما ورد فى الحديث الشريف الذى رواه البخارى ومسلم وغيرهما.

عن أبى سعيد الخدرى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلا بمثل، يدا بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى، الآخذ والمعطى فيه سواء) .

ولما كان مقتضى هذه النصوص أنا الربا يدخل فيه كل زيادة على المال المقترض أو المودع بالشرط والتحديد بلا مقابل، وقد أجمع المسلمون على تحريمه إعمالا لنصوص القرآن والسنة الشريفة.

ولما كانت شهادات الاستثمار من الفئة (ب) ذات فائدة محددة مشروطة مقدما زمنا ومقدارا، كانت داخلة فى ربا الزيادة المحرم شرعا بمقتضى تلك النصوص، باعتباره قرضا بفائدة مشروطة مقدما زمنا ومقدارا أما ما جاء بالسؤال من أن قيمة هذه الشهادات الشرائية الآن مع أرباحها أقل من قيمتها وقت إهدائها إلى السائل أو وقت الشراء فلا يصلح مبررا لاستحلال هذه الفوائد الربوية، فقد نقل الإمام الإسبيجابى فى شرح الطحاوى اتفاق الفقهاء على أن الفلوس إذا لم تكسد ولكن غلت قيمتها أو نقصت، فعلى المقترض مثل ما قبض من العدد مادام نوع الفلوس محددا (رسالة تنبيه الرقود على مسائل النقود من رخص وغلاء وكساد وانقطاع للعلامة ابن عابدين ج - ٢ مجموع الرسائل ص ٥٨ - ٦٧) .

وإذ كان ذلك كانت القيمة الاسمية لهذه الشهادات حلالا باعتبار أن أصلها جاء هدية من كسب حلال فى الغالب حملا لحال المؤمنين على الصلاح، كما هو الأصل.

أما الفائدة التى استحقت عليها طبقا لنظام إصدارها فهى من باب ربا الزيادة المحرم، باعتبارها محددة زمنا ومقدارا، ولا يحل للمسلم الانتفاع بهذه الفائدة باعتبارها من الأكساب المحرمة، وله قبضها وتوجيهها إلى أى طريق من طرق البر (انظر كتاب احياء علوم الدين للامام الغزالى ص ٨٨٢، ٨٨٣ مسلسل ج - ٥ ص ٩٢، ٩٣ تحت عنوان الحلال والحرام - النظر الثانى فى المصرف طبعة لجنة الثقافة الإسلامية ١٣٥٦ هجرية) كبناء المساجد أو المستشفيات أو إعطائها لفقير أو مسكين على ما أشارت إليه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى التصرف فى الكسب الحرام، إبراء لذمة المسلم من المسئولية أمام الله.

فقد ورد فى الحديث الشريف عن أبى برزة الأسلمى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه وعن علمه فيم فعل وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعن جسمه فيم أبلاه) (صحيح الترمذى ج - ٩ ص ٢٥٣) والله سبحانه وتعالى أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>