[مسئولية الطبيب]
المفتي
عطية صقر.
مايو ١٩٩٧
المبادئ
القرآن والسنة
السؤال
ما حكم ما لو قام الطبيب بعلاج مريض أو بعملية جراحية توفى بسببها المريض أو ترتب عليها ضرر له هل يضمن أو لا؟
الجواب
روى أبو داود والنسائى وابن ماجه من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من تطبب ولم يعلم منه الطب قبل ذلك فهو ضامن " يقول ابن القيم فى زاد المعاد "ج ٣ ص ١٠٩ "إن الطبيب الجاهل إذا تعاطى علم الطب وعمله ولم يتقدم له به معرفة فقد هجم بجهله على إتلاف الأنفس وأقدم بالتهور على ما لم يعلمه فيكون قد غرر بالعليل فيلزمه الضمان لذلك وهذا إجماع من أهل العلم، فإذا تولد من فعله التلف ضمن الدية وسقط عنه القود، لأنه لا يستبد بذلك بدون إذن المريض.
ثم يقول: الطبيب الحاذق الذى يعطى الصنعة حقها ولم تجن يده فتولد من فعله المأذون من جهة الشارع ومن جهة من يطبه -يعالجه - تلف العضو أو النفس أو ذهاب صفة فهذا لا ضمان عليه اتفاقا، فإنها سراية مأذون فيه، ووضع قاعدة تقول: سراية الجناية مضمونة بالاتفاق وسراية الواجب مهدرة بالاتفاق وما بينهما ففيه النزاع.
والمتطبب الجاهل إن علم المريض أنه جاهل لا علم له وأذن له فى طبه لم يضمن وإن ظن المريض أنه طبيب وأذن له فى علاجه لأجل معرفته ضمن الطبيب ما جنت يده.
والطبيب الحاذق الذى أذن له المريض فى علاجه وأعطى الصنعة حقها لكن أخطأت يده فهذا يضمن، لأنها جناية خطأ.
والطبيب الحاذق الماهر بصناعته إذا اجتهد فوصف للمريض دواء فأخطأ فى اجتهاده فقتله ضمن الدية، إما فى بيت المال وإما على عائلة الطبيب، أى أسرته [أو النقابة أو الرابطة التى ينتسب إليها] .
والطبيب الحاذق الذى أعطى الصنعة حقها فقطع جزءا من جسم المريض بغير إذنه يضمن، وإن كان بإذنه أو إذن وليه لا يضمن، وقيل: لا يضمن مطلقا لأنه محسن وما على المحسنين من سبيل.
ثم تحدث ابن القيم عما يجب أن يراعيه الطبيب الحاذق وهو عشرون أمرا، نترك ذكرها ويمكن الرجوع إليها، وهى تتصل بواجبات المهنة، وهى قابلة للتغيير والتطور.
وجاء فى الفتاوى الإسلامية "ج ٧ ص ٢٤١٤" بعد عرض النصوص الفقهية فى كتب المذاهب المختلفة أن الفقهاء اتفقوا على أن الطبيب الذى يجرى جراحة لمريض ثم يترتب على إجرائها ضرر بالمريض لا يضمن إذا توفرت فيه الشروط الآتية:
١ -أن يكون ذا خبرة فى فنه وحذق فى صناعته، أى اختصاصيا، فإن لم يكن خبيرا ضمن بمجرد الفعل، بل ويعاقب على فعله، لأنه متعد، ومرتكب لمحرم شرعا ولو لم يقع منه خطأ فنى فى العمل.
٢ -أن يكون مأذونا من المريض أو ممن له ولاية عليه، ويقول ابن قدامة الحنبلى فى كتابه "المغنى" إذا كان الإذن عامًّا كإذن الإمام فى قطع يد السارق يعتبر فعله حلالا لا يضمن ما يترتب عليه من السراية.
٣- ألا يقع منه خطأ فنى فى العمل ولا إهمال فى الاحتياط لنجاح العملية وتلافى المضاعفات التى يحتمل حدوثها.
٤ -ألا يجاوز الطبيب الموضع المعتاد للجراحة إلى غيره ولا القدر المحدد لها إلى أكثر منه.
فإن تخلف شرط من هذه الشروط كان ضامنا "الشيخ أحمد هريدى ٢٢/ ٤/ ١٩٦٢ م " وجاء فى كتاب "التشريع الجنائى الإسلامى لعبد القادر عودة" ج ٢ ص ٥٢٢ خلاف العلماء فى سبب عدم المسئولية بين عدم قصد السوء، وإذن المريض وإذن الحاكم، وشروط عدم المسئولية كالتى ذكرها ابن القيم وقارن بين نظرة القوانين الوضعية فى ذلك وبين قواعد الشريعة، بما لا يخرج عما سبق ذكره