ما رأى الدين فيمن يجاهرون بشرب المسكرات أو بالفطر فى رمضان من غير عذر؟
الجواب
روى البخارى ومسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "كل أمتى معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل عملا بالليل فيستره ربه، ثم يصبح فيكشف ستر الله عنه " وروى الحاكم وصححه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "الحياء والإيمان قرناء جميعا، فإذا رفع أحدهما رُفع الأخر" ولما رجم النبى صلى الله عليه وسلم ماعزًا الأسلمى قال "اجتنبوا هذه القاذورات التى نهى الله عنها، فمن ألم بشىء منها فليستتر بستر الله، فإن من أبدى لما صفحته نقم عليه كتاب الله " صححه الحاكم وابن السكن، وقال الذهبى فى المهذب: إسناده جيد وقال إمام الحرمين: صحيح متفق عليه، قال ابن الصلاح: عجيب أوقعه فيه عدم إلمامه بصناعة الحديث "الزرقانى على المواهب ج ٤ ص ٢٦١ " وروى أبو داود والنسائى أن هزالا لما ذهب إلى النبى صلى الله عليه وسلم يخبره عن زنا ماعز، فحضر ماعز وأقر ورجم، قال النبى لهزال "لو سترته بثوبك كان خيرا لك" وروى مسلم وغيره أن رجلا قال للنبى صلى الله عليه وسلم: إنى عالجت امرأة من أقصى المدينة وأصبت منها ما دون أن أمسها، فأنا هذا، فأقم على ما شئت، فقال عمر: لقد ستر الله عليك لو سترت على نفسك، فلم يرد النبى صلى الله عليه وسلم شيئا "نيل الأوطار ج ٧ ص ١٠٦ ".
يؤخذ من هذا أن ستر الإنسان على نفسه وستر الغير عليه مطلوب،ولو استغفر العاصى ربه وتاب إليه عافاه الله، والمجاهرون بالمعصية قوم غاض ماء الحياء من نفوسهم، وتبلَّد حسهم، وماتت ضمائرهم، فقَلما يفكرون فى العوده إلى الصواب وبهذا يموتون على عصيانهم وفسوقهم.
فالمطلوب ممن يرتكبون المعصية أيَّا ما كانت أن يستتروا بها ولا يفشوها، وأن يندموا ويتوبوا، وألا يفشوها للناس فقد يقام عليهم الحد أو التعزير، ثم يندمون ولات ساعة مندم، وفى الإفشاء إغراء للبسطاء بالعصيان، ووضع لأنفسهم موضع التهمة والاحتقار، ورحم الله امرأ ذبَّ الغيبة عن نفسه، والله يقول:{إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة فى الذين آمنوا لهم عذاب أليم فى الدنيا والآخرة} النور: ١٩