وردت آيات فى القرآن تدل على أن اليهود أفسدوا مرتين، نريد تفسير هذه الآيات، وهل إفسادهم انتهى بالمرتين أم يمكن أن يستمر؟
الجواب
قال الله تعالى {وقضينا إلى بنى إسرائيل فى الكتاب لتفسدن فى الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا * فاذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولى بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا * ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا * إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة، وليتبروا ما علوا تتبيرا * عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا} ، الإسراء: ٤ -٨، المهم في هذه الآيات هو معرفة المرتين اللتين أفسد فيهما بنو إسرائيل، وهناك كلام طويل وخلاف كبير بين العلماء في ذلك، ومن أقرب الأقوال أنهم أفسدوا أولاً بقتل النبى زكريا عليه السلام كما قال ابن عباس وابن مسعود رضى الله عنهم، أو بقتل النبى أشعياء كما يقول ابن إسحاق، أو بتكذيب النبى أرمياء كما نقل عن ابن عباس، فأرسل الله عليهم غزاة من فارس "سنحاريب أو بختنصر" فعذبوهم وأسروا منهم كثيرا وساقوهم إلى بابل. ولما تابوا خلصهم اللَّه من الأسر، وأمدهم بالنعيم والقوة، محذرا لهم من العودة إلى الإفساد فأفسدوا مرة ثانية، وذلك بقتل النبى يحيى بن زكريا، فسلط اللَّه عليهم من انتقم منهم، واختلف فى الذى انتقم منهم، فقيل: أحد ملوك بابل "خردوس " وقيل كما فى حديث نسب إلى الرسول - قيصر الروم، حيث سبى منهم وقتل، وأخذ النساء والأموال، وأودع حُلِىَّ بيت المقدس فى مكان ينتظر من يرده قرب قيام الساعة.
هذا ما فى تفسير القرطبى، ويدل على أن المرتين اللتين أفسد فيهما بنو إسرائيل قد انتهتا قبل ظهور الإسلام، المرة الأولى كانت قبل رسالة عيسى، والثانية بعدها.
ويا تُرى هل المكتوب عليهم من الإفساد هو مرتان فقط، أو سيكون منهم إفساد آخر، لأن العبارة لا تقتضى الحصر؟ قيل بالثانى أى سيحصل منهم إفساد آخر بدليل قوله تعالى {وإن عدتم عدنا} .
وقيل فى تفسيرها: إنهم أفسدوا فسلط الله عليهم محمدا صلى الله عليه وسلم وأجلاهم المسلمون عن جزيرة العرب، وامتلكوا بيت المقدس، وفر اليهود تائهين فى أقطار الأرض.
وعلى فرض أنهم سيعودون كما عادوا من قبل إلى بيت المقدس فإن القرار الإلهى {وإن عدتم عدنا} باق، فإن أفسدوا فسيسلط اللَّه عليهم من ينتقم منهم من عباد اللَّه أولى البأس الشديد.
لكن من هم أولو البأس الشديد؟ هل يكونون هم العرب والمسلمون أو غيرهم؟ اللَّه أعلم