يذكر كثير من المفسرين لقوله تعالى:{ومنهم من عاهد اللَّه لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين. فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون. فأعقبهم نفاقا فى قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا اللَّه ما وعدوه وبما كانوا يكذبون} التوبة: ٧٥ - ٧٧.
أقول ذكر كثير منهم: أن المراد به هو ثعلبة بن حاطب، ويظن الكثير من الناس أنه هو ثعلبة، أحد من شهد بَدْرًا ثم يجىء السؤال:
كيف يصح أن يكون ثعلبة من أهل بدر ثم ينقلب منافقا يسجل نفاقه فى القرآن؟ .
وقد ذكر المحققون أن ثعلبة هذا غير ثعلبة البدرى، والتشابه إنما هو فى الاسم فقط.
ولما ذكر البارودى وابن السكن وابن شاهين وغيرهم أنه هو البدرى أنكر الحافظ ابن حجر ذلك وقال فى كتابه " الإصابة" ولا أظن الخبر يصح، وإن صح ففى كونه هو البدرى نظر.
وقد ذكرا بن الكلبى أن ثعلبة بن حاطب الذى شهد بدرا قتل بأحد، فتأكدت المغايرة بينهما، فان صاحب القصة تأخر إلى خلافة عثمان.
قال: ويقوى ذلك أن فى تفسير ابن مردويه اتفقوا على أنه ثعلبة بن حاطب، وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال:" لا يدخل النار أحد شهد بدرا والحديبية " وحكى عن ربه أنه قال لأهل بدر " اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " فمن يكون بهذه المثابة كيف يعقبه الله نفاقا فى قلبه وينزل فيه ما ينزل؟ فالظاهر أنه غيره.
فالواجب عند ذكر هذه القصص المثيرة: التحرى فى ثبوت ذلك وعدمه، ومثل هذا ما روى فى سبب نزول قوله تعالى:{وما كان لكم أن تؤذوا رسول اللَّه ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا} الأحزاب: ٥٣، حيث قالوا: إن طلحة بن عبيد اللَّه قال: يتزوج محمد بنات عمنا ويحجبهن عنا، لئن مات لأتزوجن عائشة