[نسخ القرآن بالسنة]
المفتي
عطية صقر.
مايو ١٩٩٧
المبادئ
القرآن والسنة
السؤال
هل يجوز للسنة الشريفة أن تنسخ الأحكام الثابتة بالقرآن مثل قوله صلى الله عليه وسلم "لا وصية لوارث " الذى نسخ الوصية للوارث الموجودة فى القرآن، مع العلم بان القرآن كلام الله تعالى، والسنة من عند الرسول والرسول بشر؟
الجواب
يقول الله سبحانه {ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها} البقرة: ١٠٦، ويقول {وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل} النحل: ١٥١، تفيد هاتان الآيتان وغيرهما أن النسخ وهو انتهاء حكم شرعى بطريق شرعى موجود فى القرآن الكريم، وقد يكون النسخ للتلاوة والحكم أو أحدهما، وذلك بنزول آية أخرى فيها حكم مغاير. وأمثلته كثيرة فى القرآن الكريم أفردت بتآليف خاصة منها كتاب الناسخ والمنسوخ لأبى جعفر النحاس المتوفى سنة ٣٣٨ س.
ونسخ القرآن بالقرآن متفق عليه بدليل الآيتين السابقتين، وأما نسخ القرآن بالسنة فمنعه جماعة، لأن الله يقول {قل ما يكون لى أن أبدِّله من تلقاء نفسى إن أتبع إلا ما يوحى إلىَّ} يونس: ١٥، ولأن السنة لا تكون مثل القرآن ولا خيرا منها كما تقول الآية {نأت بخير منها أو مثلها} وقال آخرون بجواز نسخ القرآن بالسنة وبوقوعه بناء على أن السنة أيضا من عند الله كما قال تعالى {وما ينطق عن الهوى. إن هو إلا وحى يوحى} النجم: ٣، ٤، وقال {وأنزلنا إليك الذكر لتبيِّن للناس ما نزَل إليهم} النحل:
٤٤،على أن المراد بالذكر هو السنة، وقال جماعة: بنسخ القراَن بالسنة إذا كانت بأمر الله عن طريق الوحى، أما إن كانت باجتهاد فلا.
والرأى القائل بنسخ القرآن بالسنة هو الأقوى، لقول الله تعالى. إلى جانب النصين السابقين - {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} الحشر: ٧.
وقوله: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكِّموك فيما شجر بينهم} النساء:
٦٥، إلى غير ذلك من النصوص، وقد أجمع المسلمون على أن القرآن إذا نزل بلفظ مجمل ففسره الرسول وبيَّنه كان بمنزلة القرآن المتلوَّ فى الأخذ به، فكذلك النسخ. وتطبيقا لذلك فى حكم الوصية للوارث.
قال تعالى {كُتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف} البقرة: ١٨٠.
يقول أبو جعفر النحاس: فى هذه الآية خمسة أقوال، منها أنها منسوخة بقوله " لا وصية لوارث " وذلك على رأى من يجيز نسخ القراَن بالسنة- وقيل: هى منسوخة بآية المواريث {يوصيكم الله فى أولادكم للذكر مثل حظ الأنثين} النساء: ١١، وذلك على رأى من ينسخ القراَن بالقرآن فقط وقيل: نسخت الوصية للوالدين وثبتت للأقربين الذين لا يرثون.
وقيل: نسخ وجوب الوصية وبقى ندبها، وقيل: إن الوصية واجبة للوالدين والأقربين إذا كانوا لا يرثون، كأن كانوا كفارا.
هذا ملخص ما قيل فى آية الوصية، وعلى قول من الأقوال فى تفسيرها كان تشريع الوصية الواجبة لولد الولد المحروم من الميراث، كما فى القانون المصرى للأحوال الشخصية