للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وقف استحقاقى مرتب الطبقات وهل هو جملى أو افرادى]

المفتي

حسن مأمون.

شوال ١٣٨٠ هجرية - ٥ أبريل ١٩٦١ م

المبادئ

١ - الأصل فى الترتيب عند الحنفية أن يكون جمليا، وحكمه أنه لا يستحق أحد من طبقة أدنى مع وجود أحد من طبقة أعلى ما لم تكن عبارة الواقف ظاهرة أو قاطعة فى أنه ترتيب إفرادى.

٢ - الترتيب افرادى يقتضى أن نصيب كل أصل ينتقل إلى فرعه ويقوم كل فرع مقام أصله فى هذا النصيب عند موته، كما يقتضى أن الأصل لا يحجب فرع غيره وأن النصيب المنتقل إلى الفرع يظل متنقلا فى الفروع إلى انقراض السلسلة كلها.

وقد أخذ القانون ٤٨ سنة ١٩٤٦ بذلك فى المادة ٣٢ منه.

٣ - الترتيب الجملى تنقضى فيه القسمة بانقراض كل طبقة بينما الترتيب الإفرادى لا تنقضى فيه القسمة ابدا لأنها باقية وسائرة ما بقيت السلسلة.

٤ - إذا كانت عبارة الواقف صريحة فى الترتيب الإفرادى كان إفراديا بنص الواقف، أما إذا كانت محتملة للترتيب الجملى والإفرادى فإن الترتيب يكون إفراديا بحكم القانون، وإن كانت عبارة الواقف صريحة فى أن الترتيب جملى فإنه يعتبر جملى بنص الواقف ولا يتناول هذه العبارة الصريحة حكم القانون ٤٨ سنة ١٩٤٦ فى المادة ٣٢ منه لوجود نص فى كتاب الوقف يمنع من تطبيقها طبقا للمادة ٥٨ منه.

٥ - إذا كانت عبارة الواقف محتملة للترتيبين ولكنه رتب حكما من أحكام الترتيب الجملى بعد ذلك كنقض القسمة أو صح بعد ذلك.

بما يدل دلالة قاطعة على أنه تريب جملى فإن كتاب الوقف يكون بذلك قد اشتمل على نص مخالف للمادة ٣٢ ومانع من تطبيقها.

٦ - قول الواقف (يستقل به الواحد إذا انفرد ويشترك فيه الاثنان فما فوقهما عند الاجتماع) يقصد به حصر الاستحقاق فى الذرية وعدم انتقال الريع أو شىء منه إلى أى جهة من جهات البر مادام أحد من الذرية موجودا.

٧ - شروط الواقف محترمة شرعا وواجبة التطبيق كما صدرت منه متى كانت صحيحة ومشروعة وفيها مصلحة للواقف أو الوقف أو المستحقين.

٨ - يبطل شرط الواقف إذا قيد حرية المستحق فى الزواج أو الإقامة أو الاستدانة إلا إذا كانت لغير مصلحة، كما يبطل كل شرط لا يترتب على عدم مراعاته تفويت مصلحة للواقف أو الوقف أو المستحقين طبقا للمادة ٢٢ من القانون ٤٨ سنة ١٩٤٦

السؤال

من الأستاذ / صالح البنا بطلبه والمرفق به الصورة العرفية من إشهاد وقف المرحوم شهاب الدين أبى العباس الصادر منه أمام محكمة باب سعادة فى ١٢ الحجة سنة ١٠٦٠ هجرية قال إن المذكور وقف الأعيان الموضحة الحدود المعالم والمشتملات بإشهاد وقفه المذكور وجعله على جهات بر وخير عينها وما فضل بعد ذلك يستغله الواقف لنفسه أيام حياته ثم من بعد لأولاده للذكر مثل حظ الأنثيين، ثم لأولادهم ثم لأولاد أولادهم ثم لأولاد أولاد أولادهم ثم لذريتهم ونسلهم وعقبهم للذكر مثل حظ الأنثيين، الطبقة العليا منهم أبدا تحجب الطبقة السفلى يستقل به الواحد إذا انفرد ويشترك فيه الاثنان فما فوقهما عند الاجتماع، يتداولون ذلك بينهم كذلك إلى انقراضهم أجمعين.

فإذا انقرضوا صرف الفائض المرقوم لأولاد أخيه المرقوم الشيخ سليمان.

والشيخ أبو بكر والشيخ عبد الله وأخواتهما للذكر مثل حظ الأنثيين على النص والترتيب المشروح أعلاه إلى حين انقراضهم أجمعين صرف الفائض المرقوم على حسب ما يراه الناظر على ذلك ويؤدى إليه اجتهاده، فإن تعذر الصرف صرف للفقراء والمساكين أينما كانا وحيثما وجدوا وشرط الواقف شروطا منها أن يبدأ من ريع الوقف بعمارته وإصلاح وما فيه البقاء لعينه ولو صرف فى ذلك جميع غلة الوقف، ومنها أنه شرط لنفسه دون غيره الشروط العشرة.

ومنها أن النظر على ذلك والولاية عليه لنفسه ثم من بعده لولده القاضى شمس الدين محمد.

والأمير فضلى ابن المرحوم محمد بكباشى طائفة متحفظان سوية بينهما ثم لمن يتأهل من ذكور لذريتهم.

الخ. ومنها أنه عين المعاشرة لولد أخيه المرحوم الشيخ علم الدين سلميان المشار غليه هو القاضى سلميان المشار غليه.

ومنها أنه عين الشهادتين لولدى أخيه هما العمدة الشيخ أبو بكر.

والشيخ جال الدين عبد الله المشار غليهما ثم من بعد كل منهما لولده وإنس فل من الذكور إلى حين إنقراضهم.

ومنها أنه شرط السكن لا الإسكان لزوجته مؤمنة وكذلك لمستولدته عائشة، وجعل لكل منهما خمسة أنصاف فضة مادامتا عازبتين ومنها أنه شرط السكن لا الإسكان لولده القاضى شمس الدين محمد المشار إليه مدة حياته فى المكان الموضح بالإشهاد المذكور، ثم من بعده للذكور من ذريته ونسله وعقبه إلى خمس طبقات.

ثم من بعدهم لمن يوجد من أولاد أخيه المرحوم الشيخ سليمان المشار غليه وذريتهم ونسلهم وعقبهم من الذكور إلى خمس طبقات على الحكم المرقوم، ثم من بعدهم يضم ريعه إلى الموقوف ويصرف مصرفه - وقد مات الواقف ومات ولده محمد وانقرضت ذرية الواقف وانتقل استحقاق فائض الريع إلى ذرية أخيه المرحوم الشيخ سليمان.

ومن ذرية الشيخ سلميان أخ الواقف محمد حسن شحاته النوبى توفى أبوه حسن شحاته النوبى فى سنة ١٩٤٣ وكان حسن شحاته هذا ضمن الطبقة العليا التى آل غليها الاستحقاق فى فائض الريع ولا تزال هذه الطبقة ولم تنقرض بعد.

وطلب السائل بيان الآتى: ١ - هل الترتيب الوارد فى حجة هذا الوقف ترتب إفرادى بالنص أو جملى بالنص أو يحتمل أن يكون جمليا فيحجب الأصل فرعه وفرع غيره أو إفراديا فلا يحجب الأصل إلا فرعه دون فرع غيره فى حدود ما نص عليه القانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٤٦ وما أتاه المشرع طبقا لأقوال بعض علماء المالكية والحنابلة.

٢ - هل يستحق محمد حسن شحاته المذكور الذى توفى أبوه سنة ١٩٤٣ من أفراد الطبقة العليا مع طبقة أبيه بناء على المادة ٣٢ ويكون له الحق فى ريع الغلات التى وجدت ونشأت من تاريخ صدور القانون فى ١٧ يونيه سنة ١٩٤٦ إذا ثبت أنه من ذرية أخ الواقف المذكور على الوجه المذكور أولا.

٣ - ما المراد من قول الواقفين يستقل به الواحد منهم إذا انفرد ويشترك فيه الاثنان فما فوقهما عند الاجتماع - هل ذكر هذه العبارة كما قال الفقهاء مقصود بها عدم دخول الفقراء عندما تكون الذرية ليس يوجد منها سوى فرد واحد أو اثنان فقط.

٤ - وهل تقييد الواقف حق السكنى بالنسبة لذريته ثم لذرية أخيه بالذكور فقط وبخمس طبقات يعتبر شرطا صحيحا يجب العمل به أولا

الجواب

عن السؤال الأول تقضى قواعد وأحكام مذهب الحنفية باعتبار الترتيب الوارد فى هذا الوقف ترتيبا جمليا - لأن الأصل فى الترتيب عندهم أن يكون جمليا ما لم تكن عبارة الواقف ظاهرة أو قاطعة فى أنه ترتيب إفرادى ومن مقتضى الترتيب الجملى أنه لا يستحق أحد من طبقة أدنى مع وجود أحد من طبقة أعلى.

أى أن كل واحد من أهل الطبقة العليا يحجب الطبقة التى تليها.

وأدام أحد من أهل الطبقة العليا موجودا فلا يستحق أحد من أهل الطبقة التى تليها إلا أن ينص الواقف على أن من مات عن فرع يقوم فرعه مقامه ويستحق نصيبه، ففى هذه الحالة ينتقل نصيب من يموت من أهل الطبقة العليا عن فرع إلى فرعه ولو مع وجود أحد من أهل طبقة هذا الميت ولكن يكون استحقاق الفرع لنصيب أصله فى هذه الحالة على سبيل الاستثناء وبصفة مؤقتة حتى ينقرض أهل الطبقة العليا جميعا، وحينئذ تنقض القسمة وتستأنف قسمة جديدة على أهل الطبقة التالية بحسب رؤوسهم وعدد أفرادهم وذلك وتلك خصائص الترتيب الجملى، أما إذا كانت عبارة الواقف ظاهرة أو صريحة فى أن الترتيب ترتيب إفرادى فإنه يعتبر كذلك، ومن خصائص هذا الترتيب أن نصيب كل أصل ينتقل إلى فرعه ويقم الفرع مقام أصله فى هذا النصيب عند موته سواء نص الواقف على ذلك أم لم ينص عليه وأن الأصل لا يحجب فرع غيره، وأن النصيب المنتقل إلى الفرع يظل متنقلا فى الفروع إلى إنقراض السلسلة.

ولذلك لا يكون هناك محل لنقض القسمة فى هذا الترتيب لأن القسمة باقية وسائرة ما بقيت السلسلة - وقد جاء القانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٤٦ بأحكام الوقف فجعل الأصل فى الترتيب أن يكون إفراديا أخذا برأى الفقهاء الذين قالوا بذلك (فنصت المادة ٣٢ منه على أنه (إذا كان الوقف على الذرية مرتب الطبقات لا يحجب أصل فرع غيره ومن مات صرف ما استحقه أو كان يستحقه إلى فرعه ولا تنقض فسمة ريع الوقف بانقراض أى طبقة ويستمر ما آل للفرع متنقلا فى فروعه على الوجه المبين فى الفقرة السابقة إلا إذا أدى عدم نقضها إلى حرمان أحد من الموقوف عليهم) فقد قرر القانون الأخذ بأحكام الترتيب الإفرادى من انتقال نصيب الأصل للفرع وعدم حجب الأصل فرع غيره وعدم نقض القسمة كأساس أصلى ز بهذا يكون قد اعتبر الترتيب ترتيبا إفراديا - ولهذا متى كانت عبارة الواقف صريحة أو ظاهرة فى الترتيب الإفرادى كانت كذلك ينص الواقف - ومتى كانت محتملة للترتيب الإفرادى كانت كذلك بنص الواقف - ومتى كانت محتملة للترتيب الإفرادى والترتيب الجملى فان الترتيب فيها يعتبر إفراديا بحكم القانون - ومتى كانت قاطعة أو صريحة فى أن الترتيب فيها ترتيب جملى فانه يعتبر جمليا بنص الواقف.

ولا يتناولها حكم القانون فى المادة ٣٢ لأنه يكون فى كتاب الوقف حينئذ نص يمنع من تطبق حكم المادة المذكورة طبقا للمادة ٥٨ من القانون، وكذلك إذا كانت العبارة محتملة للترتيبين ورتب الواقف بعد ذلك حكما من أحكام الترتيب الجملى كنقص القسمة أو صرح بما يدل دلالة ظاهرة أو قاطعة على انه ترتيب جملى فان كتاب الوقف يكون مشتملا حينئذ على نص مخالف لحكم المادة ٣٢ ومانع من تطبيقها طبقا لحكم المادة ٥٨ - وعبارة الواقف هنا وإن كانت فى ذاتها محتملة للترتيبين ويعتبر الترتيب فيها جمليا بمقتضى قواعد وأحكام مذهب الحنفية إلا أنها ليست قاطعة فى هذا الترتيب بحيث يمنع المر فيها من تطبيق أحكام الماجة ٣٢ من القانون فى هذا الوقف واعتبار الترتيب فيه ترتيبا إفراديا بحكم القانون.

كما أن كتاب الوقف لم يشتمل عن نص يعتبر مخالفا لحكم هذه المادة ويمنع من تطبيقها فيه وحينئذ يعتبر الترتيب فى هذا الوقف ترتيبا إفراديا بحكم القانون وتترتب عليه أحكام الترتيب الإفرادى على هذا الأساس من تاريخ العمل بهذا القانون إلا أن تكون قد صدرت أحكام تقضى بشئ آخر فيجب احترام هذه الأحكام طبقا للماجة ٦٠ من هذا القانون.

عن السؤال الثانى ونتيجة لما ذكر متى توفى حسن شحاته النوبى وكان مستحقا فى الوقف ومن أهل طبقة عليا وكان ذلك كله مسلما ولا نزاع فيه وكان له ابن هو محمد حسن شحاته النوبى فإن ابنه هذا يحل محله ويستحق نصيبه بحكم الترتيب الإفرادى الذى جاء نتيجة لحكم القانون بمقتضى المادة ٣٢ منه كما أوضحنا - وذلك اعتبارا من تاريخ العمل بالقانون المذكور وبشرط ألا يكون قد صدر حكم فى هذا الصدد بناء على القواعد والأحكام التى كان معمولا بها قبل صدور القانون ومع مراعاة ما نص عليه القانون من شروط وأوضاع.

عن السؤال الثالث أما عبارة يستقل به الواحد إذا انفرد ويترك فيه الاثنان فما فوقهما عند الاجتماع التى جرى عرف كثير من الواقفين على ذكرها فى نهاية الإنشاء فإن الفقهاء قد نصوا على أنه يراد بها حصر الاستحقاق فى الذرية وفى السلسلة المتحدث عنها فى الإنشاء وعدم انتقال الريع أو شئ منه إلى جهات البر مادام أحد من هذه السلسلة ومن الذرية موجودا ولو كان واحدا أو اثنين ولا علاقة لهذه العبارة بنوع الترتيب الوارد فى الإنشاء ولا أثر لها فى تحديد فرع هذا الترتيب.

عن السؤال الرابع ك جرى فقهاء الحنفية على أن شروط الواقفين يجب أن تحترم وتطبق كما صدرت عنهم من غير نظر إلى أى اعتبار آخر متى كانت هذه الشروط صحيحة ومشروعة وفيها مصلحة للواقف أو الوقف أو المستحقين - وقد جاء القانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٤٦ بأحكام الوقف ونص فى مادته رقم ٢٢ (على أن شرط الواقف يبطل إذا قيد حرية المستحق فى الزواج أو الإقامة أو لا لإستدانة إلا إذا كانت الاستدانة لغير مصلحة وكذلك كل شرط لا يترتب على عدم مراعاته تفويت مصلحة الواقف أو الوقف أو المستحقين.

وبينت المذكرة التفسيرية لهذه المادة أن الشرط المقيد لحرية المستحق فى السكن هو الشرط الذى يحتم السكنى على وجه معين أو السكنى فى مكان أو جهة معينة.

وشرط الواقف هنا قضى بإعطاء حق السكنى فى المنزل المبين بالحجة وقصر ذلك الحق على الذكور من ذريته، والذكور من ذرية أخيه حين يؤول الوقف إليهم فى خمس طبقات من هؤلاء وأولئك.

وهو كما نرى لم يقيد حرية المستحق للسكنى فى شئ أبدا، وغنما أعطى حق السكنى لبعض الذرية وفى بعض الطبقات وهو كالشرط الذى يعطى الاستحقاق فى الريع لأشخاص معينين دون غيرهم، ويقصر الاستحقاق على زيد دون عمر ولا شك أن شرط الواقف فى هذا الشأن وعلى هذا الوضع ليس فيه تقييد للحرية ويترتب على عدم مراعاة تفويت مصلحة للمستحقين وغرض للواقف بدون مبرر فهو شرط جدير بالاعتبار وواجب الاحترام.

ومن ذلك يعلم الجواب عن السؤال.

والله سبحانه وتعالى أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>