[أثر النية فى انعقاد اليمين]
المفتي
أحمد هريدى.
٢٥ يولية ١٩٦٨ م
المبادئ
١- كون اليمين بالله تعالى تعتبر النية فيه نية الحالف لو كان مظلوما وإلا اعتبر نية المحلف عند أبى حنيفة ومحمد، ويرى الخصاف اعتبار نية الحالف قضاء، ظالما كان الحالف أو مظلوما.
٢- كون اليمين بالطلاق والعتاق ونحو ذلك تعتبر فيه نية الحالف إذا لم ينو خلاف الظاهر ظالما كان أو مظلوما
السؤال
بالطلب المقيد برقم ٣٨٢ سنة ١٩٦٨ المتضمن أن امرأة مرضت بالشلل وأرادت ابنتها السفر خارج الديار المصرية لزيارة شقيقتها فخشى والد هذه الفتاة أن تسافر بنته وتبقى هناك، وتترك أمها المريضة فأقسمت بنته على المصحف الشريف أنها لن تبق عند أختها أكثر من شهر ولن تتعاقد على عمل، ولكن بنته سافرت ومكثت أكثر من شهر وتعاقدت على عمل هناك مخالفة بذلك ما أقسمت عليه على كتاب الله الكريم، ولما واجهها والدها بما أقسمت عليه، أجابت بأنها لم تحنث فى يمينها، لأنها أقسمت بنية أخرى غير الذى أقسمت عليه، ومن ثم لم تحنث فى يمينها.
وطلب السائل بيان.
هل هذه الفتاة قد حنث فى يمينها أم لا وإذا كانت قد حنثت فما هى الكفارة الواجبة شرعا.
وهل اليمين تنعقد بنية الحالف أم بنية المستحلف
الجواب
جاء فى الجزء الثالث من رد المحتار لابن عابدين ص ١٥٢ وما بعدها (رجل حلف رجلا فحلف ونوى غير ما يريد المستحلف إن بالطلاق والعتاق ونحوه يعتبر نية الحالف إذا لم ينو الحالف خلاف الظاهر ظالما كان الحالف أو مظلوما.
وإن كانت اليمين بالله تعالى فلو الحالف مظلوما فالنية فيه إليه.
وإن ظالما يريد إبطال حق الغير اعتبر نية المستحلف وهو قول أبى حنيفة ومحمد.
وتقييده بما إذا لم ينو خلاف الظاهر.
يدل على أن المراد - باعتبار نية الحالف اعتبارها فى القضاء، إذا لا خلاف فى اعتبار نيته ديانة.
ومذهب الخصاف تعتبر نيته فى القضاء أيضا إذا كان الحالف مظلوما وبه يفتى.
وأما الحلف بالله تعالى فليس للقضاء فيه مدخل.
لأن الكفارة حقه تعالى لاحق فيها للعبد حتى يرفع الحالف إلى القاضى - كما فى البحر.
ولكنه إن كان مظلوما تعتبر نيته فلا يأثم لأنه غير ظالم، وقد نوى ما يحتمله لفظه فلم يكن غموسا لا لفظا ولا معنى وإن كان ظالما تعتبر نية المستحلف فيأثم إثم الغموس وإن نوى ما يحتمله لفظه.
وتصور البر فى المستقبل شرط انعقاد اليمين وبقائها.
لأن اليمين إنما تنعقد لتحقيق البر، فإن من أخبر بخير أو وعد بوعد يؤكده باليمين لتحقيق الصدق، فكان المقصود هو البر، ثم تجب الكفارة خلفا عنه لرفع حكم الحنث وهو الإثم، ليصير بالتكفير كالبار.
فإذا لم يكن البر متصور ألا تنعقد فلا تجب الكفارة خلفا عنه.
لأن الكفارة حكم اليمين وحكم الشىء إنما يثبت بعد انعقاده كسائر العقود) وبالنظر فى الحادثة موضوع البحث يتبين أن الحالفة قد نوت باليمين حين حلفها أبوها أمر آخر غير الذى حلفها عليه أبوها ونواه عند التحليف.
ولا نستطيع أن نتبين ما إذا كانت الحالفة ظالمة أو مظلومة حتى يمكن بالتالى اعتبارها حانثة وتجب عليها الكفارة أو لا يمكن اعتبارها كذلك.
والحالفة والمستحلف هما وحدهما اللذان يستطيعان التحديد، ويمكنهما فى ضوء ما ذكرنا من النص الفقهى تحديد الظالم والمظلوم منهما.
وبالتالى تحديد ما إذا كانت الحالفة قد حنثت فى يمينها أو لم تحنث.
وعليهما أن يتقيا الله تعالى فيما يقررانه ويخشيا عقابه.
والله ولى التوفيق ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم