يحرص كثير من زوار المسجد الحرام والمسجد النبوى على الصلاة فى المساحة التى كانت أيام النبى صلى الله عليه وسلم لأنها المقصودة بزيادة الثواب فيها، ولكن الواقع لا يمكِّنْ كل الزوار من ذلك، فهل لو صلينا فى الزيادات المضافة للمسجد الأصل يكون ثوابنا مضاعفا أيضا؟
الجواب
صح فى الحديث أن الصلاة فى المسجد الحرام بمكة بمائة ألف صلاة فيما سواه، كما رواه الطبرانى وابن خزيمة، وفى المسجد النبوى بالمدينة بألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام كما رواه مسلم.
وهذا واضح فى مساحة المسجد التى كانت موجودة فى أيام النبى صلى الله عليه وسلم لكن طرأت على المسجدين زيادات فى عصور متعددة، كما كثر عدد المترددين عليهما للصلاة، فكيف يفعل من لم يستطع أن يجد له مكانا فى المساحة المحدودة؟ اختلف العلماء فى فضل الصلاة فى الزيادة الطارئة على الأصل، فقال النووى: الفضل خاص بالأصل دون الزيادة، مستدلا بقول النبى صلى الله عليه وسلم "فى مسجدى هذا" فالإشارة إلى ما بناه هو وحدده، لا ما بناه غيره فيما بعد. لكن قد يُرَدُّ عليه بأن الحديث قال هذه العبارة ليخرج المساجد الأخرى، لا ليخرج الزيادة فى مسجده والنووى وحده هو صاحب هذا الرأى، وقيل: رجع عنه.
وجمهور العلماء على أن كل زيادة فى المسجدين لها هذا الحكم، فقد سئل مالك رحمه الله عن ذلك فقال: النبى صلى الله عليه وسلم تحدث بما سيكون بعده فزويت له الأرض فرأى مشارقها ومغاربها، ولولا تحدثه بما يكون بعده ما استجاز الخلفاء أن يزيدوا فى مسجده بحضرة الصحابة، دون أن ينكر عليهم أحد "خلاصة الوفا للسمهودى " ص ٩٧. قال ابن تيمية: وهو الذى يدل عليه كلام المتقدمين وعملهم، وكان الأمر عليه زمن عمر وعثمان، فزادوا فى قبلة المسجد، وكان وقوفهما فى الصلوات وفى الصف الأول فى الزيادة، وما بلغنى عن أحد من السلف خلاف هذا، ويشهد له روايات للديلمى وغيره "لو مُدَّ هذا المسجد إلى صنعاء لكان مسجدى" وسنده واهٍ، وعن عمر رضى الله عنه: لو زدنا فيه حتى بلغ الجبانة كان مسجد الرسول.
وفى سنده متروك. ويقاس على مسجد المدينة مسجد مكة.
هذا فضل الصلاة فى المسجد وزياداته، أما الصلاة خارج هذه الزيادات فلا تعطى هذا الثواب، وإلا لصلَّى الناس فى بيوتهم، وبخاصة أن الحرم يتجاوز مكة التى قد يتسع عمرانها، ويدخل فيه المزدلفة، وله حدود معينة.
وأرى أن صفوف المصلين خارج المسجد لو اتصلت بالصفوف التى داخله يرجى لها ثواب الصلاة فى المسجد، وإن كان الحرص على الصلاة داخل المسجد يجعل الإنسان يبادر بالذهاب إليه حتى يجد مكانا فيه، والمبادرة لحضور الصلاة مطلوبة