للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[نعى الموتى]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

ما حكم الدين فى نعى الموتى بمكبرات الصوت أو بالنشر فى الصحف أو الإعلانات ونحوها؟

الجواب

النَّعْى أو النَّعِىُّ هو الإخبار بموت الميت، قال الأصمعى:

كانت العرب إذا مات فيها ميت ركب راكب فرسا وجعل يسير فى الناس ويقول: نعاء فلانا، أى أنعيه وأظهر خبر وفاته.

فإذا كان النعى على ما كان يفعله أهل الجاهلية من ذكر المآثر والمفاخر فهو ممنوع، كما يدل عليه ما أخرجه ابن ماجه والبيهقى بسند حسن أن حذيفة بن اليمان قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النعى، وما رواه الترمذى عن عبد الله بن مسعود أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "إياكم والنعى، فإن النعى من عمل الجاهلية " وهو حديث حسن. أما إذا كان النعى من أجل إخطار الأقارب والأصدقاء ليشهدوا جنازته ويكثر المصلون عليه فلا بأس به، لأن من يصلى على الجنازة له قيراط من الأجر كما صح فى الحديث المتفق عليه ولقول النبى صلى الله عليه وسلم "ما من مسلم يموت فيصلى عليه ثلاثة صفوف من المسلمين إلا أوجب " يعنى وجبت له الجنة رواه أبو داود وابن ماجه والترمذى وقال: حديث حسن. بل يكون النعى من أجل هذا القصد مستحبا، ففيه فائدة للميت وفائدة لمن يصلون عليه، ويشهد لهذا ما رواه البخارى ومسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم نعى للناس "النجاشى" فى اليوم الذى مات فيه. وفى لفظ "إن أخاكم النجاشى قد مات، فقوموا فصلوا عليه " وما رواه البيهقى أن النبى صلى الله عليه وسلم نعى جعفر بن أبى طالب وزيد بن ثابت، وعبد الله بن رواحة، وما روى أنه عليه الصلاة والسلام قال فيمن دفن ليلا وكان يقم المسجد - أى ينظفه ويرفع القمامة منه- "أفلا كنتم آذنتمونى"؟ وفى رواية: "ما منعكم أن تعلمونى"؟ وما روى أن رافع بن خديج مات بعد العصر فأتى ابن عمر فأخبر بموته فقيل له: ما ترى، أيخرج بجنازته الساعة؟ فقال: إن مثل رافع لا يخرج به حتى يؤذن به من حولنا من القرى، فأصبحوا وأخرجوا بجنازته.

من هذا نرى أن النعى إن كان يحمل معنى التفاخر والتباهى فهو مذموم، وإن كان من أجل إعلام الناس بالوفاة للاشتراك فى الصلاة على الميت وتشييع الجنازة فلا بأس به، والأعمال بالنيات ولكل امرىء مانوى، وبهذا يمكن التوفيق بين ما ورد من الأحاديث والآثار فى ذم النعى وعدم ذمه انظر "الفتح الربانى وشرحه ج ٧ ص ١٨٤، المغنى لابن قدامة ج ٢ ص ٤٣٢ "

<<  <  ج: ص:  >  >>