رجل له أرض مملوكة تكفى غلتها حاجته وحاجة من تلزمه نفقته ولا يفضل منها شىء وإذا باعها يمكنه الحج بثمنها ويكفى الباقى حاجة عياله مدة ذهابه إلى الحج وعودته، فهل يجب عليه أن يبيعها ليحج؟
الجواب
أجاب النووى فى فتاويه "المسألة ١١٠ " أن الأصح فى مذهب الشافعى رضى الله عنه وجوب الحج عليه والحالة هذه ومثله من له رأس مال يتجر فيه.
لكن هل يعود الرجل من الحج ليتسول؟ لقد رأى كثير من العلماء أن رأس المال الذى يكفيه حاجته وحاجة من تلزمه نفقته لا يجوز إنفاقه كله لأداء فريضة الحج، فإن ذلك سيترتب عليه ضرر كبير له ولمن يعوله، فمثل هذه الحالة تدخل فى عدم الاستطاعة فهو مسئول عن نفسه، وأهله، والتقصير فى ذلك منهى عنه أشد النهى. لقد قال الحنفية والمالكية مثل ما قال الشافعية ولكن أحمد اشترط أن يكون الفاضل عن نفقة الحج يكفى عياله على الدوام، "الفقه على المذاهب الأربعة" وإن كان "المغنى" فيه ما يفيد أن رأيه كرأى الأئمة الثلاثة وعليه فلا يجوز له أن يبيع أرضه التى هى المصدر الوحيد لرزقه ليحج، لأنه سيعود معدما. هو رأى أميل إليه لأنه يتفق مع روح الشريعة الإسلامية التى لا تحب لأهلها أن يعيشوا فقراء ضعافا، وقد شرطت فيها الاستطاعة التى يجب أن تفسر بما يتفق والشريعة، وأين هذا من قول النبى صلى الله عليه وسلم "إن لربك عليك حقا ولبدنك عليك حقا ولأهلك عليك حقا فأعط كل ذى حق حقه " وقوله "إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ أم ضيع حتى يسأل الرجل عن أهل بيته " رواه ابن حبان فى صحيحه.
وقوله "كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت " رواه أبو داود وغيره وصححه