طلقنى زوجا طلاقا بائنا ولزمت البيت فى العدة وأنا أعمل لكسب عيشى فهل أنقطع عنه، ومن أين آكل إذا لم أخرج؟
الجواب
سبق فى صفحة ٣٣٧- من المجلد الثالث من هذه الفتاوى الكلام عن المكان الذى تعتد فيه المطلقة والمتوفى عنها زوجها، وحكم خروجها من مكان العدة، ولزيادة الإِيضاح أقول بالنسبة إلى خروجها من المنزل:
يقول الله تعالى:{يا أيها النبى إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدرى لعل الله يُحدث بعد ذلك أمرا} الطلاق: ١ اختلف الفقهاء فى خروج المعتدة من المكان الذى تعتد فيه، فذهب الأحناف إلى أنه لا يجوز للمطلقة الرجعية ولا البائن أن تخرج من بيتها ليلا ولا نهارا، أما المتوفى عنها زوجها فتخرج نهارا وبعض الليل، ولكن لا تبيت إلا فى بيتها. والفرق بينهما أن المطلقة نفقتها فى مال زوجها فلا يجوز لها الخروج كالزوجة، بخلاف المتوفى عنها زوجها فإنها لا نفقه لها، فلا بد أن تخرج بالنهار لكسب عيشها وقضاء مصالحها. وكانت عائشة رضى الله عنها تفُتى المتوفى عنها زوجها بالخروج فى عدتها، وخرجت بأختها أم كلثوم حين قتل عنها طلحة بن عبيد الله لعمل عمرة.
وذهب الشافعية إلى عدم خروج المطلقة رجعيا لا ليلا ولا نهارا. أما المبتوتة فتخرج نهارا فقط، وذهب المالكية إلى جواز خروج المطلقة بالنهار سواء أكان الطلاق رجعيا أم بائنا، فقد روى مسلم عن جابر أن خالته لما طلقت وأرادت أن تخرج لتقطع ثمر نخلها زجرها رجل، فسألت النبى صلى الله عليه وسلم فقال " بلى، فجذى نخلك فإنك عسى أن تصدقى أو تفعلى معروفا " وكان طلاقها ثلاثا.
والحنابلة أجازوا خروجها نهارا، سواء أكان الطلاق رجعيا أم بائنا. أما المتوفى عنها زوجها فلها الخروج نهارا فقط. فعندما استشهد رجال يوم أحد جاء نساؤهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقلن: يا رسول الله نستوحش بالليل أفنبيت عند إحدانا فإذا أصبحنا بادرنا إلى بيوتنا؟ فقال " تحدثن عند إحداكن حتى إذا أردتن النوم فلتؤب كل واحدة إلى بيتها " وليس لها المبيت فى غير بيتها ولا الخروج ليلا إلا للضرورة، لأن الليل مظنة الفساد.
وأقول لصاحبة السؤال: ما دام الطلاق بائنا فلك الخروج بالنهار أثناء العدة على أن يكون المبيت بالمنزل، وذلك على رأى الجمهور