للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الوصية بالدفن]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

أوصانى والدى إذا مات أن يدفن فى مكان معين، فهل يجب تنفيذ هذه الوصية؟

الجواب

الوصية هى التصرف المضاف لما بعد الموت. كالوصية ببناء مسجد من ماله بعد موته، أو الوصية لولده بحفظ القرآن ونحو ذلك. وتنفيذ الوصية يكون فيما ليس فيه ظلم أو خروج على المصلحة المشروعة، وهذا التنفيذ مطلوب قال تعالى {فمن بدَّله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه} البقرة: ١٨١ وذلك بعد الأمر بالوصية للوالدين والأقربين بالمعروف، وقال {فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه} البقرة: ١٨٢ والجنف هو الميل عن الحق.

ومن البر بالوالدين تنفيذ وصيتهما بعد موتهما، لحديث أبى داود وابن ماجه وابن حبان أن رجلا سأل النبى صلى الله عليه وسلم: هل بقى من بر أبوى شىء بعد موتهما؟ فقال "نعم، الصلاة عليهما -أى الدعاء والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التى لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما ".

وإنفاذ عهدهما من بعدهما قد يراد به أن ينفذ الولد العهود التى تعهد بها والداه لغيرهما من الناس ولم يستطيعا تنفيذها قبل الموت، كالديون مثلا، وقد يراد تنفيذ العهود والوعود التى عهد الوالدان للولد أن ينفذها بعد الموت، لكن ذلك كله فى الشىء الواجب فيكون التنفيذ واجبا، وفى المندوب يكون التنفيذ مندوبا وفى غير ذلك فلا تنفيذ لأى عهد، مثل أن يوصى بأن يدفن فى بلد كذا، أو فى مقبرة فلان مثلا، فقد قرر العلماء أن الأولى دفن الميت فى البلد الذى مات فيه، وقال المالكية بجواز نقله للمصلحة، كمكان ترجى بركته أو تتيسر فيه زيارة أهله له. وحرَّم الشافعية نقله إلا لجوار قوم صالحين. أو لجهة مشرفة كمكة والمدينة والقدس إن كانت قريبة.

وعلى هذا فإن تنفيذ الوصية بالدفن فى مكان معين يكون من البر إن كان لهذا المكان ميزة كفضل البقعة أو القرب من الأهل لسهولة الزيارة، وفى غير ذلك لا يجب تنفيذ الوصية، بل يحرم نقله عند الشافعية

<<  <  ج: ص:  >  >>