نعلم أن الجنة دار النعيم يدخلها بعد القيامة المؤمنون، فهل دخلها أحد قبل يوم القيامة وهو على قيد الحياة؟
الجواب
سبق فى ص ٥٠٦ من المجلد الأول بيان أن الجنة والنار مخلوقتان الآن وهو رأى جمهور العلماء، وأن أرواح الشهداء فى حواصل طير خضر تسرح فى الجنة تأوى إلى قناديل تحت العرش كما رواه مسلم وغيره، وذلك بعد مفارقة الحياة لهم بالموت فى سبيل الله، حيث يحييهم الله وينعم عليهم كما قال سبحانه {ولا تحسبن الذين قُتلوا فى سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون} آل عمران: ١٦٩.
أما أن يدخل الجنة أحد فى الدنيا قبل موته فذلك ممكن إذا رأى ذلك فى المنام،كما يرى أشياء من الصعب تحققها فى عالم اليقظة كالطيران والطواف حول الأرض وما إلى ذلك وقد رأى النبى صلى الله عليه وسلم فى منامه الجنة، وأنه ارتقى إلى مدينة مبنية بلبنٍ ذهب ولَبِنٍ فضة فدخلها، وقال له الملكان: هذه جنة عدن وهذا منزلك. فطلب منهما دخوله فقالا له: إنه بقى لك عمر لم تستكمله، فلو استكملته أتيت منزلك.
رواه البخارى. "رياض الصالحين ص ٥٦٣، ٥٦٥" فظاهر الحديث أنه دخل الجنة ولم يدخل منزله. وثبت فى البخارى وغيره أنه صلى الله عليه وسلم دخل الجنة ليلة المعراج " الزرقانى على المواهب اللدنية ج٦ص٩٠" حيث قال كما رواه أبو ذر وأخرجه البخارى فى كتاب الصلاة "ثم أدخلت الجنة" ومعلوم أن الصحيح فى الإِسراء والمعراج أنهما كانا بالروح والجسد ولم يكونا مناما، ليظهر امتياز الرسول على غيره ممن يُسْرى بأرواحهم مناما ويرون العجائب.
وقال صلى الله عليه وسلم عن ليلة المعراج كما ذكره أنس ورواه البخارى ومسلم "بينما أنا أسير فى الجنة""المرجع السابق ص ٩١".
فالخلاصة أن النبى صلى الله عليه وسلم دخل الجنة ليلة المعراج بروحه وبجسده على الصحيح، كما دخلها فى الرؤيا المنامية ورؤيا الأنبياء حق. وذلك فضل كرَّم الله به رسوله، ونرجو أن ننعم بدخولها معه بعد الحساب، وذلك عن طريق الإِيمان والعمل الصالح والأمل فى رحمة الله وفضله