للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التوبة والاستتابة]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

بعض الناس الرافضين لحد الردة يرفضون أيضا أن تطلب من المرتد توبة، فالله وحده هو الذى يقبلها، فما رأى الدين فى ذلك؟

الجواب

هناك فرق بين طلب التوبة أى الاستتابة، وبين قبول التوبة، فطلبها من العاصى حق لله وللرسول وحق للمؤمنين، فالله سبحانه أمر بها فى مثل قوله {يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم} التحريم: ٨.

وقوله {وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون} النور: ٣١، وأمر بها الرسول صلى الله عليه وسلم فى مثل قوله "يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه، فإنى أتوب فى اليوم مائة مرة " رواه مسلم.

والمؤمن يجب عليه أن يطلب التوبة من العاصى قياما بواجب الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، فى ظل قوله تعالى {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة} النحل: ١٢٥، وحذر الإسلام من السكوت على المعاصى، فالرضا بها مشاركة فى الإثم، ووضح الرسول معنى الآية {عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم} المائدة: ١٠٥، موضحا أن الاهتداء لا يكون إلا بالقيام بواجب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، كما رواه ابن ماجه والترمذى وحسَّنه وأبو داود "الترغيب ج ٤ ص ٢٨ ".

والمرتد ننصحه بالرجوع عن ردته ببيان الحق فيما يشك فيه لعله يهتدى، أما قبول التوبة فهو أيضا قدر مشترك بين الله سبحانه وبين العباد، فقبولها من الله مرهون بالإخلاص فيها وصدورها من القلب لا من اللسان فقط، فهو سبحانه لم يقبل من المنافقين ما لا يتفق ظاهرهم مع باطنهم، وذلك بعد استكمال مقوماتها المعروفة. وقبولها بالنسبة لنا هو معاملته معاملة المسلم بحسب ظاهره فقط، ولا شأن لنا بباطنه، والأحاديث فى ذلك واضحة، فالرسول قال لأسامة فى شأن من أسلم بلسانه "هلا شققت عن قلبه " مقررا أن علينا الأخذ بالظاهر لأنه المستطاع والله يتولى السرائر "بيان للناس من الأزهر الشريف ج ١ ص ١٤١ - ١٤٦ ".

فقول القائل: إن التوبة حق لله يقبلها ويرفضها، وليس لأحد سواه هذا الحق نابع من عدم الفهم الصحيح، وتحريف للكلم عن مواضعه، والوعيد عليه شديد

<<  <  ج: ص:  >  >>