ما حكم من يرضع وسنه أكبر من سنتين، هل يثبت التحريم برضاعه؟
الجواب
اتفق الفقهاء على أن الرضاع المثبت للتحريم يكون فى مدة الرضاع ولو رضع بعد ذلك لا يثبت برضاعه تحريم، ولم يخالف أحد من العلماء فى ذلك، لكن جاء أن السيدة عائشة رضى الله عنها تثبت به التحريم وتبعها داود الظاهرى وابن حزم فى ذلك.
وما هى مدة الرضاع التى يثبت التحريم فى أثنائها؟ الاتفاق بين الأئمة على أن الرضاع فى الحولين يثبت التحريم، إذا كان الطفل لم يفطم أما إذا فطم فى أثناء الحولين، ورضع قبل انتهائهما، أو رضع بعد الحولين، أو رضع وهو كبير ففيه خلاف.
أما رضاع الكبير الذى جاوز ثلاثين شهرا فالكل متفق على أنه لا يثبت به تحريم وخالف فى ذلك أهل الظاهر كما سبق ذكره، فإن لم يجاوز الثلاثين شهرا ورضع ثبت برضاعه التحريم حتى لو فطم قبل الرضاع على رأى أبي حنيفة، لأن المدة عنده ثلاثون شهرا بناء على قوله تعالى {وحمله وفصاله ثلاثون شهرًا} الأحقاف:١٥ حيث فسر الحمل بالحمل باليد وفى الحجر، وليس حمل الجنين فى البطن، وأما قوله تعالى {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين} البقرة: ٢٣٣ فمحله عند تنازع الوالدين على أجرة الرضاع عند الطلاق، وقال بعض الأحناف: إن المدة ثلاثة أعوام وأبو يوسف ومحمد صاحبا أبى حنيفة قالا: المدة حولان تكمل ثلاثين شهرا مع مدة الحمل وهى ستة أشهر، ويقال: إن أبا حنيفة رجع عن قوله ليطابق قول الصاحبين وقول سائر الأئمة فى أن من جاوز الحولين لا يثبت برضاعه تحريم.
وأجابوا عن رأى عائشة الذى تابعها فيه داود وابن حزم بأنه منسوخ بحديث " لا رضاع إلا ما كان فى الحولين " رواه الدارقطنى.
والمالكية زادوا على الحولين شهرا أو شهرين ما دام الطفل يعتمد على الرضاعة، أو يتناول معه شيئا يضره الاقتصار عليه، ولو فطم يوما أو يومين ثم عاد إلى الرضاعة يثبت التحريم. والشافعية جعلوا المدة حولين قمريين وكذلك قال الحنابلة وذكر الشوكانى " نيل الأوطارج ٦ ص ٣٣٣" تسعة أقوال فى تقدير المدة يرجع إليها من شاء.
وأما رأى الظاهرية وابن حزم فمعتمد على حديث رواه مسلم وأحمد أن أم المؤمنين أم سلمة قالت لعائشة رضى الله عنهما: إنه يدخل.
عليك الغلام الأيفع - المقارب للبلوغ - الذى ما أحب أن يدخل علىَّ، فقالت عائشة: أما لك فى رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة؟ وقالت:إن امرأة أبى حذيفة قالت: يا رسول الله إن سالما يدخل علىَّ وهو رجل، وفى نفس أبى حذيفة منه شىء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أرضعيه حتى يدخل عليك " وفى رواية عن أم سلمة أنها قالت: أبَى سائر أزواج النبى صلى الله عليه وسلم أن يدخلن عليهن أحدا بتلك الرضاعة، وقلن لعائشة: ما نرى هذا إلا رخصة أرخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم لسالم خاصة، فما هو بداخل علينا أحد بهذه الرضاعة ولا رائينا. ولم يأخذوا بخصوصية ذلك لسالم مولى أبى حذيفة، فهو رأى وليس حديثا لكن الجمهور قال: إن هذه خَصوصية، والحكم العام هو عدم تحريم رضاع الكبير، والشوكانى فى نيل الأوطار:"ج ٦ ص ٣٣٢" تحمس لرأى ابن حزم وقال: إنه مذهب على بن أبى طالب