اللعن معناه الطرد من رحمة الله، وهو منهى عنه بوجه عام، فالمؤمن لا يكون لعانا ولا يكون شفيعا ولا شهيدا يوم القيامة كما جاء فى الأحاديث التى رواها مسلم، وروى أبو داود والترمذى حديث " من لعن شيئا ليس له بأهل رجعت اللعنة عليه " حتى الدابة لا يجوز لعنها، فقد روى مسلم أن امرأة من الأنصار كانت فى سفر مع النبى فضجرت من ناقتها فلعنتها، فقال الرسول "خذوا ما عليها ودعوها فإنها ملعونة" وقال كما رواه مسلم فى رواية أخرى " لا تصاحبنا ناقة عليها لعنة".
جاء فى الأذكار للنووى "ص ٣٥٠" أنه يجوز لعن أصحاب المعاصى بالعنوان العام كما لعن الرسول آكل الربا والواصلة والنامصة والسارق ومن يلعن والديه، ومن اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ... أما لعن إنسان بعينه ممن اتصف بشىء من المعاصى كزانٍ وسارق وآكل ربا فظواهر الأحاديث أنه ليس بحرام، وأشار الغزالى إلى تحريمه إلا فى حق من علمنا أنه مات على الكفر كأبى لهب وأبى جهل وفرعون وهامان وأشباههم، قال: لأن اللعن هو الإبعاد عن رحمة الله تعالى وما ندرى ما يختم به لهذا الفاسق أو الكافر وأما الذين لعنهم رسول الله بأعيانهم فيجوز إنه علم موتهم على الكفر. انتهى.
والذى يلعن الزمان أو المكان خالف هدى الرسول صلى الله عليه وسلم فى النهى عن اللعن. وبخصوص الدهر جاء حديث البخارى ومسلم " قال الله تعالى: يسب بنو آدم الدهر وأنا الدهر، بيدى الليل والنهار" وفى رواية " أقلب ليله ونهاره، وإذا شئت قبضتهما" وفى رواية لمالك " لا يقل أحدكم يا خَيْبَةَ الدهر، فإن الله هو الدهر".
يقول الحافظ المنذرى: معنى الحديث أن العرب كانت إذا نزلت بأحدهم نازلة أو أصابه مصيبة أو مكروه يسب الدهر، اعتقادا منهم أن الذى أصابه هو فعْلُ الدهر، فكان هذا كاللعن للفاعل، ولا فاعل لكل شىء إلا الله تعالى خالق كل شىء، فنهاهم النبى صلى الله عليه وسلم عن سب الدهر، لأنه مدرجة لسب فاعل الأمور وخالقها وهو الله تعالى