للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وما ينطق عن الهوى]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

نريد توضيحا لمعنى قوله تعالى: {وما ينطق عن الهوى. أن هو إلا وحى يوحى} النجم: ٣، وهل منه الحديث النبوى؟

الجواب

يقول المفسرون: إن النبى صلى الله عليه وسلم لم ينطق عن الهوى والغرض فى القرآن الذى يبلغه للناس، فهو وحى من الله تعالى، بمعنى أن النبى صلى الله عليه وسلم إذا قاله: قال الله كذا، فإن ذلك عن صدق، وأن الكلام هو كلام الله، وليس كلام محمد نسبه إلى ربه ليكسب قداسة، فإنه صلى الله عليه وسلم لا يكتم شيئا مما أمر بتبليغه حتى لو كان على غير ما يحبه هو؟ ولذلك لما نزل قوله تعالى فى حقه {عبس وتولى. أن جاءه الأعمى} بلغ ذلك ولم ينقص منه شيئا مع أنه ضد هواه وميله، لكن الحق لابد أن يتبع ويبلغ.

وهذا يلتقى مع قوله تعالى {تنزيل من رب العالمين. ولو نقول علينا بعض الأقاويل. لأخذنا منه باليمين. ثم لقطعنا منه الوتين.فما منكم من أحد عنه حاجزين} الحاقة: ٤٣ -٤٧، ومع قوله {قل ما يكون لى أن أبدله من تلقاء نفسى إن أتبع إلا ما يوحى إلى إنى أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم} يونس: ١٥.

فالقرآن هو الوحى الذى يبلغه الرسول دون تغيير أو تبديل، ودون تدخل هواه فيه، أما ما يحكم به بين الناس فهو نطقه هو وكلامه هو، إن كان حقا أيده الله فيه وسكت عنه، وإن كان غير ذلك أرشده، كما فى قوله تعالى {ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره} التوبة: ٨٤ بعد أن صلى على قبر عبد الله بن أبى كبير المنافقين.

والحديث النبوى معناه من الله ولفظه من النبى صلى الله عليه وسلم فهو لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحى يوحى، وإذا بلغه الرسول صحيحا فبها، وإلا صححه رب العزة، وإذا لم يكن معنى الحديث من الله بل كان اجتهادا، التزم فيه الرسول المصلحة العامة، وبخاصة فيما يمس الناس، ويظهر ذلك فى عرض مشروع الصلح فى غزوة الخندق على السعدين، وقالا: هل هو أمر من الله فنتبعه، أو شىء تحبه فنوافقك عليه، أو هو لمصلحتنا؟ فقال "بل لمصلحتكم " فلم يوافقوا عليه "انظر كتب السيرة"

<<  <  ج: ص:  >  >>