ما معنا قول النبى صلى الله عليه وسلم لست فاحشا ولا متفحشا؟
الجواب
النبى صلى الله عليه وسلم على أعلى درجة من الكمال فى فكره وسلوكه، وكذلك الأنبياء والمرسلون قد اصطف من خلقه ليكونوا دعاة لهم إلى الخير ومبلَّغين عن الله رسالته، وقد مدح الله سبحانه نبيه محمدا صلى الل {وإنك لعلى خلق عظيم} وقد دعا ربه بقوله: اللهم كما حسَّنت خَلقى فحسن خُلقى.
ومن أخلاقه الحسنة عفة اللسان ونزاهة القول وطهارته، وبخاصة فى مخاطبته للناس وتعامله معهم وذلك نابع من صفاء قلبه وامتلائه بالرحمة، وحسن ذوقه وأدبه، وقد التزم ذلك السلوك حتى مع أعدائه، وفى أحرج الأوقات، فلما شج وجهه فى غزوة أحد وشق على أصحابه ذلك وقالوا: لو دعوت عليهم، قال " لم أُبعث لعانا، ولكنى بعثت داعيا ورحمة، اللهم اغفر لقوس فإنهم لا يعلمون ".
وقد صح فى البخارى أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن فاحشا ولا متفحشا، وفى رواية: لم يكن سبابا ولا فاح والفحش هو كل ما خرج عن حده حتى يستقبح، وهو يدخل فى القول والعمل والصفة، لكن استعماله فى القول أكثر والمتفحش هو الذى يتعمد ذلك ويكثر منه ويتكلفه. واللعن هو الطرد من رحمة الله.
وقد حدث كما فى رواية البخارى أن رجلا استأذن عليه صلى الله عليه وسلم فلما رآه قال " بئس أخو العشير ابن العشيرة، فلما جلس تطلق فى وجهه وانبسط إليه، فلما انطلق الرجل سألت عائشة رسول الله صلى الله علي ذمه ثم الانبساط إليه، فقال " متى عهدتنى فحاشا، إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه ال وذلك الرجل هو عيينة بن حصن الفزارى الذى يطلق عليه الأحمق المطاع، ولم يكن قد أسلم، أو كان إسلامه ضع وتألفه بهذه المعاملة ليسلم قومه.
وهذا القول من النبى صلى الله عليه وسلم ليس غيبة، بل هو بيان لحقيقة الرجل حتى يعامل على أساسها، فهو للناس وإرشادهم إلى الخير، وفعله هذا يعد من باب المداراة فى معاملة الناس، وهى بذل الدنيا لصلاح الدين أو الدنيا، ولا شىء فى ذلك، بخلاف المداهنة وهى بذل الدين لصلاح الدنيا فهى مذمومة لأنها صفة المنافقين أو الكافرين