[أذكار الوضوء]
المفتي
عطية صقر.
مايو ١٩٩٧
المبادئ
القرآن والسنة
السؤال
نسمع بعض من يتوضأون يأتون بأذكار خاصة تتناسب مع أعضاء الوضوء، فهل لهذه الأذكار أصل صحيح؟
الجواب
١ -ليكن معلوما أن من لم يذكر اللَّه أثناء الوضوء فوضوءه صحيح، ومن تكلم بكلام الدنيا فوضوءه أيضا صحيح.
٢ - لكن هل الأفضل السكوت أو ذكر اللَّه؟ قال جماعة: الأفضل السكوت، وذلك لاتباع النبى صلى الله عليه وسلم. وقال جماعة: الذكر أفضل، وذلك للأمر بالذكر عموما، وعدم ورود نهى عنه من النبى صلى الله عليه وسلم.
والخلاف جاء بسبب الحديث " من أحدث فى أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " رواه البخارى ومسلم.
فالقائلون بالسكوت قالوا: إن إحداث ذكر يعتبر إحداثا لأمر ليس من الدين، والقائلون بالذكر قالوا: الذكر مطلوب بوجه عام دون التقيد بزمان أو مكان كما قال تعالى {يا أيها الذين أمنوا اذكروا اللَّه ذكرا كثيرا * وسبحوه بكرة وأصيلا} الأحزاب: ٤١، ٤٢، فالذكر أثناء الوضوء داخل تحت الأمر العام، وعليه فليس فيه إحداث أمر فى الدين ليس منه ٣-تسن التسمية فى أول الوضوء، لحديث " كل أمر ذى بال لا يبدأ فيه ببسم اللَّه الرحمن الرحيم فهو أقطع " وفى رواية بالحمد للَّه. رواه أبو داود وغيره وحسنه ابن الصلاح وغيره ولحديث " لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه " رواه أبو داود وغيره، ولأحاديث أخرى فى سنن البيهقى وحكم هو وغيره بضعفها. ومن تركها سهوا أو عمدا فوضوءه صحيح على رأى جمهور العلماء. وقال الحنابلة بوجوبها لو تركت عمدا بطل الوضوء.
ويسن بعد الانتهاء من الوضوء قول: أشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ففى حديث مسلم أن من قالها فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء. وقى رواية الترمذى زيادة " اللهم اجعلنى من التوابين واجعلنى من المتطهرين " وفى رواية ضعيفة للنسائى زيادة " سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك ". كما رويت أحاديث ضعيفة فى تكرار الشهادة ثلاث مرات " الأذكار للنووى ص ٣٢ " أما الذكر أثناء الوضوء، فقد ورد فيه حديث صحيح عن أبى موسى الأشعرى أنه أتى النبى صلى الله عليه وسلم بوَضوء-بفتح الواو أى الماء الذى يتوضأ به -فسمعته يقول "اللهم اغفر لى ذنبى، ووسع لى فى دارى، وبارك لى فى رزقى " وفيه اختلاف فى مكان هذا الذكر، فرواه ابن السنى على أنه فى خلال الوضوء، ورواه النسائى على أنه بعد الوضوء، وفيه أن أبا موسى قال: يا نبى اللَّه سمعتك تدعو بكذا وكذا، قال " وهل تركن من شىء "؟ .
٤ -أما الدعاء على أعضاء الوضوء فلم يرد فيه شىء عن النبى صلى الله عليه وسلم. يقول النووى فى كتابه " الأذكار". قال الفقهاء: يستحب فيه دعوات جاءت عن السلف وزادوا ونقصوا فيها، فالمتحصل مما قالوه: أن يقول بعد التسمية:
الحمد للَّه الذى جعل الماء طهورا، ويقول عند المضمضة: اللهم اسقنى من حوض نبيك صلى الله عليه وسلم كأسا لا أظمأ بعده أبدا، ويقول عند الاستنشاق:
اللهم لا تحرمنى رائحة نعيمك وجناتك، ويقول عند غسل الوجه: اللهم بيض وجهى يوم تبيض وجوه وتسود وجوه، ويقول عند غسل اليدين: اللهم أعطنى كتابى بيمينى وحاسبنى حسابا يسيرا، اللهم لا تعطنى كتابى بشمالى ولا من وراء ظهرى، ويقول عند مسح الرأس اللهم حرم شعرى وبشرى على النار، وأظلنى تحت عرشك يوم لا ظل إلا ظلك.
ويقول عند مسح الأذنين: اللهم اجعلنى من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، ويقول عند غسل الرجلين: اللهم ثبت قدمى على الصراط المستقيم.
فهذه الأدعية وإن لم يرد بها حديث عن النبى صلى الله عليه وسلم لا بأس بها، وبخاصة أنها وردت عن السلف، وداخلة تحت الأمر العام بذكر اللَّه ولم يرد نهى عنها