التمائم جمع تميمة، قال الحافظ المنذرى: يقال إنها خرزة كانوا يعلقونها، يرون أنها تدفع عنهم الآفات. واعتقاد هذا الرأى جهل وضلالة، إذ لا مانع إلا اللَّه، ولا دافع غيره. ذكره الخطابى (الترغيب والترهيب: ج ٤ ص ٩٦) .
فالنهى عنها عند اعتقاد أنها تؤثر بنفسها، فذلك شرك وبدون هذا الاعتقاد جهالة، جاء فى الحديث " من علق تميمة فلا أتم اللَّه له، ومن علق ودعة فلا أودع اللَّه له "(رواه أحمد وأبو يعلى بإسناد جيد والحاكم وصححه) . وفى حديث آخر (من علق فقد أشرك " (رواه أحمد برواة ثقات) وعن عائشة رضى الله عنها قالت:
ليست التميمة ما يعلق به بعد البلاء، إنما التميمة ما يعلق به قبل البلاء (رواه الحاكم وصححه) .
ويؤخذ من كلام المنذرى أن التميمة خرزة، وفى الحديث ذكر التميمة والودعة، فهل هما شىء واحد؟ وإذا كان ذلك فلملذا التكرار والعطف يقتضى المغايرة؟ وقد يجاب على ذلك بان الودعة هى الخرزة الصدفية المعروفة التى تتكون فى البحار، والتميمة كل شىء يعلق من أية مادة تكون، كقطعة خشب أو خرقة أو غيرهما، مما يعتقد الجهلة منفعته. وتفسير عائشة يدل على أنها كانت للحفظ من الإصابة ودفع الشر، وليست للاستشفاء من مرض واقع.
ومهما يكن من شىء فإن أعتقاد أن هذه الأشياء تؤثر بنفسها دون توقف على إرادة الله تعالى يتنافى مع الإيمان.
ومثل التمائم ما يعرف بالأحجبة، وهى كتابات تعلق بقصد دفع الشر أو رفعه، فإن كانت كلمات من القرآن الكريم أو ذكر اللَّه تعالى، مع اعتقاد أنها لا تؤثر إلا بإرادته سبحانه فلا يؤثر ذلك على الإيمان، مع التنبيه على صيانة كلام اللَّه تعالى من كل ما يخل بتوقيره، ومع التوصية بطلب العلاج عند المختصين.
وجاء فى زاد المعاد لابن القيم (ج ٤ ص ١١٩) أن جماعة من السلف أجازوا كتابة شىء من القرآن ثم إذابته بالماء والتداوى به سقيا أو غسلا، روى ذلكُ عن مجاهد ومثله عن أبى قلابة، ويذكر عن ابن عباس أنه أمر أن يكتب لامرأة يعسر عليها ولادها أثر من القرآن ثم يغسل ويسقى.
وجاء فى " الفتاوى الإسلامية " (ج ١٠ ص ٣٥٦٧) : اختلف العلماء فى جواز كتابة بعض آيات من القراَن أو أسماء لتكون تمائم، فقالت طائفة بجوازه، ونسبوا هذا إلى عمرو بن العاص وأبى جعفر الباقر، رواية عن الإمام أحمد، وقالت طائفة بمنعه لحديث أحمد " من علق تميمة. . . " وجزم كثير من العلماء بقول الطائفة الأخيرة، لعموم هذا النص، وسدا للذريعة حتى لا يكبر الصغار وهم يعتقدون أن التمائم هى التى تشفى وتحفظ دون إرادة اللَّه. ولا يحل لمسلم أن يأخذ أجرا على كتابة هذه الآيات، وليس هناك حديث يقول " خذ من القرآن ما شئت لما شئت ".