للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الشافعى عالم قريش]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

يقولون: إن الإمام الشافعى هو المقصود بالحديث: عالم قريش يملأ طباق الأرض علما. فهل هذا صحيح؟

الجواب

الإمام الشافعى فقيه معروف، وقد أوردت نبذة عنه فى ص ١٧ من المجلد الأول من هذه الفتاوى، وقد رويت عدة أحاديث فى قريش حملت عليه لاتصال نسبه بها، منها:

١ - حديث "لا تسبوا قريشا فإن عالمها يملأ الأرض علما، اللهم أذقت أولهم عذابا فأذق آخرهم نوالا" أخرجه أبو داود الطيالسى فى مسنده، وأبو نعيم فى الحلية، والبيهقى عن أبى بكر بن فورك عن عبد الله بن جعفر بهذا الإِسناد. وفيه النضر بن معبد والجارود، أما النضر بن معبد فقد ذكره ابن حبان فى الثقات، وقال فيه أبو حاتم الرازى:

يكتب حديثه، وضعفه النسائى. وأما الجارود فقد قال ابن حجر فى "توالى التأسيس ": إن كان ابن زيد ففيه مقال، وإلا فلا أعرفه.

وهذا الحديث مروى عن عبد الله بن مسعود. ورواه أبو هريرة بلفظ "اللهم اهد قريشا فإن عالمها يملأ طباق الأرض علما. اللهم كما أذقتهم عذابا فأذقهم نوالا" دعا بها ثلاث مرات. وفى إسناده عبد العزيز بن عبد الله، قال الحافظ ابن حجر: عبد العزيز ضعيف.

٢ - حديث " لا تؤموا قريشا وائتموا بها، ولا تقدَّموا على قريش وقدِّموها، ولا تعلِّموا قريشا وتعلموا منها، فإن أمانة الأمين من قريش تعدل أمانة اثنين من غيرهم، وإن علم عالم قريش يسع طباق الأرض" وفى رواية "وإن علم عالم قريش مبسوط على الأرض" أخرجه الآبرى والحاكم عن ابن عباس، قال لى على بن أبى طالب يوم حروراء: اخرج إلى هؤلاء القوم فقل لهم: يقول لكم على بن أبى طالب: أتتهمونى على رسول الله؟ فأشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ... .

وأخرج بعض هذا الحديث أبو بكر أحمد البزار فى مسنده "البحر الزاخر" وأبو بكر أحمد بن خيثمة فى تاريخه من طريق عدى بن الفضل، قال البزار: لا نعلم لأبى بكر ولا لأبيه غيره، وقال الحافظ ابن حجر فى المناقب: وهما مجهولان، وفى عدى بن الفضل مقال "حسن محمد قاسم - مجلة الإِسلام، المجلد الثالث العدد ١٣" من كتابه " المزارات المصرية ".

وحديث ابن عباس أخرجه أبو يعلى فى مسنده بلفظ " اللهم اهد قريشا، فإن علم العالم منهم يسع طباق الأرض، اللهم أذقت أولها نكالا فأذق آخرها نوالا " ورجال هذا الحديث رجال الصحيح إلا إسماعيل بن مسلم فقال فيه ابن حجر: فيه مقال، وأخرج بعضه أحمد ابن حنبل فى المسند بسند جيد من طريق سعيد بن جبير عنه، قال الحافظ فى "توالى التأسيس" نقلا عن البيهقى: إذا ضمت طرق هذا الحديث بعضها إلى بعض أفاد قوة وعرف أن للحديث أصلا، وتعقب الحافظ قوله هذا بقوله: وهو كما قال،لتعدد مخارجها وشهرتها فى كتب من ذكرنا من المصنفين.

ويدل على اشتهاره فى القدماء ما أخرجه البيهقى عن الربيع بن سليمان قال: ناظر الشافعى محمد بن الحسن، فبلغ الرشيد فقال: أما علم محمد أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "قدِّموا قريشا فإن علم العالم منهم يسع طباق الأرض" وقال أبو نعيم الجرجانى: كل عالم من علماء قريش من الصحابة فمن بعدهم وإن كان علمه قد ظهر وانتشر لكنه لم يبلغ فى الشهرة والكثرة والانتشار فى جميع أقطار الأرض مع تباعدها ما وصل إليه علم الشافعى، حتى غلب على الظن أنه المراد بالحديث المذكور، وقد سبق إلى تنزيل هذا الحديث على الشافعى أحمد بن حنبل "المرجع السابق عدد ١٤".

هذا، وفى هذه الأحاديث تظهر رحمة النبى صلى الله عليه وسلم بقومه على الرغم مما أصابه منهم، كما يظهر فضل قريش ووجوب تكريمها بالإِمامة وغيرها، وذلك مرتبط بالعمل لا بالنسب، كما مر توضيحه فى حديث "الأئمة من قريش" ص ٤٠١ من المجلد الثالث من هذه الفتاوى

<<  <  ج: ص:  >  >>