للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تنازل الأب عن بنوة ابنته لأخيه]

المفتي

حسن مأمون.

شوال ١٣٧٦ هجرية - ١٦ مايو ١٩٥٧ م

المبادئ

١- التبنى لا يثبت به نسب من المتبنى، ولا يكون به الولد ابنا لمن تبناه، ولا يجب لواحد منهما على الآخر حق أبوة أو بنوة.

٢- الإقرار بالبنوة يثبت به النسب شرعا متى تحققت شروط الشرعية.

٣- فى كل الأحوال لا ينبغى لأى شخص أن يقر ببنوة ولد وهو لا يعتقد أنه ولد له وخلق من مائه.

٤- لا يجوز شرعا للأخ أن يتبنى بنت أخيه، ولا يجوز لأبيها التنازل عنها لأخيه شرعا على وجه يقطع نسبها الثابت منه حقيقة، لأن النسب الثابت لا يقبل الفسخ.

٥- النسب المعروف لا يقبل التحويل

السؤال

من شخص موسر يريد أن يتنازل عن ابنته الصغرى لأخيه الأصغر الذى لم ينجب ذرية من زوجته (خالة هذه الصغيرة) وطلب السائل بيان ما إذا كان يجوز لهذا الأب أن يتنازل عن ابنته، وهل للأخ الأصغر أن يتبنى بنت أخيه، وهل له أن يقيدها باسمه فى سجلات المواليد بدلا من أبيها أسوة بما هو متبع مع الأطفال اللقطاء

الجواب

إن من النظم التى كانت سائدة فى الجاهلية نظام التبنى.

وهو أن يتخذ شخص ولدا له سواء أكان هذا الولد (الدعى) معروف النسب أو مجهول.

وأن يصرح بأنه ليس ولدا حقيقا له، وكان المتبع أيضا أن هذا التبنى يثبت للولد- (الدعى) جميع الحقوق التى تثبت للابن الحقيقى على أبيه، فجاء الإسلام وقضى على هذا النظام وأبطله.

فأمر بأن لا ينسب أحد لغير أبيه.

وأن لا ينسب الولد (الدعى) إلى من تبناه كما كان الحال قبل تشريع هذا الحكم الذى قرره الله سبحانه وتعالى فى سورة الأحزاب بقوله سبحانه {وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدى السبيل.

ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله} الأحزاب ٤، ٥، فقد أثبتت هذه الآية وغيرها من السنة والآثار الواردة فى هذا الباب.

أن التبنى لا يثبت به نسب من المتبنى. وأن الولد المتبنى لا يكون ابنا لمن تبناه.

ولا يجب لأحد منهما على الآخر حق أبوة ولا بنوة.

هذا هو حكم التبنى فى الشريعة الإسلامية.

أما الإقرار بالبنوة فإنه كان صحيحا ويثبت به النسب شرعا إلا أن ذلك مقيد بشروط ثلاثة الأول أن يكون الولد المقر ببنوته مجهول النسب الثانى أن يكون هذا الولد بحيث يولد مثله لمثل المقر به الثالث إذا كان الولد المقر ببنوته مميزا فلا بد من أن يصدق المقر فى إقراره، وفى كل هذه الأحوال لا ينبغى لأى شخص أن يقر ببنوة ولد وهو لا يعتقد أنه ولد له وخلق من مائه.

إذا تقرر هذا تبين أنه لا يجوز شرعا لهذا الأخ أيتبنى بنت أخيه - كما لا يجوز لأبيها أن يتنازل عنها لأخيه على وجه يقطع نسبها الثابت منه حقيقة، لأن النسب الثابت لا يقبل الفسخ - كما لا يجوز لهذا الأخ أن يقر ببنوة بنت أخيه، لعدم توفر ما جعلته الشريعة شرطا هذا الإقرار، حيث إن هذه الصغيرة ليست مجهولة النسب، بل منسوبة لأبوين حقيقين، فلا يجوز الإقرار ببنوتها، كما لا يجوز قيدها باسم عمها بدلا من أبيها، وإلا كان ذلك تحويلا لهذا النسب الذى أصبح حقا مكتسبا لهذه الصغيرة بالميلاد من أبيها وذلك لا يجوز شرعا، لأن النسب لا يقبل التحويل.

كما لا يجوز أن تعامل هذه البنت معاملة اللقطاء، لأن اللقيط حى مولود رماه أهله خوفا من العيلة أو فرارا من تهمة الزنا إلى آخر ما قرره الفقهاء، بما لا يمكن انطباقه على هذه الصغيرة التى ولدت من أبوين شرعيين تبين من السؤال أنهما ممن يتمتعون بسمعة حسنة ويسار فائق، ومن كان على هذا يأبى أن يعامل ولده معاملة من لا ولى له.

وبعد فإننا ننصح الأخوين الكريمين بعدم الإقدام على كل ما من شأنه أن يؤدى إلى فسخ نسب هذه الصغيرة، لأن النسب خالص حقها اكتسبته بالميلاد فليس لأحد أن يغيره، وإن الإقدام على ذلك فضلا عما فيه من القضاء على حقوقها المكتسبة شرعا، فإنه خروج على أمر الله الذى يقول ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله نسأل الله أن يوفقنا إلى ما فيه رضاه، وأن يهب الزوجين العقيمين ذرية طيبة إنه عليم قدير

<<  <  ج: ص:  >  >>