للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القتل الخطأ]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

فى أحد أفراح القرية نبهنا إلى عدم إطلاق النار. وعلم بذلك اهل القرية، وحدث ان خالف احدهم واطلق نارا أصاب شخصا خطأ فمات، فما حكم الدين فى ذلك؟

الجواب

إن قتل نفس بغير حق جريمة من الجرائم الكبرى التى وضع الله لها عقوبة مغلظة فى الدنيا والآخرة، قال تعالى {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما} [النساء: ٩٣] والذى يجرؤ على قتل نفس سيجره ذلك إلى قتل غيرها ويشيع الفساد فى الأرض، ولبشاعة قتل ولد آدم لأخيه حيث سَنَّ هذه السنة السيئة، جعل الله كل جريمة قتل تحدث يكون عليه كفل منها قال تعالى { {من أجل ذلك كتبنا على بنى إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعا} [المائدة: ٣٢] والرسول صلى الله عليه وسلم يبين خطورة هذه الجريمة فيقول عبد الله بن عمرو كما رواه ابن ماجه: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول " ما أطيبكِ وما أطيب ريحك، ما أعظمكِ وما أعظم حرمتك، والذى نفس محمد بيده لحرمة المؤمن عن الله عظم من حرمتك، ماله ودمه ". وفى حديث ابن ماجه بإسناد حسن " لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق ".

ولندرة إقبال المؤمن الصادق على قتل أخيه الذى تربطه به رابطة الإيمان، جاء تعبير القرآن عن قتله بهذا الأسلوب {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ} [النساء: ٩٢] ولحرص الإسلام على الأرواح لم يرفع عن القاتل المسئولية حين يخطئ مع أن الحديث الحسن الذى رواه ابن ماجه وابن حبان يقول"رفع عن أمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " ولهذا أوجب الله بقتل الخطأ كفارة عظمى لعصيان أمر الله، وهى تحرير رقبة مؤمنة فإن لم يجد فصيام شهرين، كما أوجب دية تسلم إلى أهل القتيل تخفيفا عن المهم لفقده.

قال تعالى {ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصَّدقوا} أى يعفوا، إلى ان قال {فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما} [النساء: ٩٢] بعد هذا نقول للسائل:

إن الذى أطلق للنار بمناسبة الفرح يعلم أن القتل حرام، وأن هناك تنبيها بعدم إطلاق النار فى هذه المناسبة، فإن كان قاصدا بذلك قتل شخص معين فقد ارتكب جريمة من أكبر الجرائم ولا تغفر إلا بتقديم نفسه للقصاص منه أو دفع الدية إلى أهله، إلا إذا عفوا عنه، أما إذا لم يقصد القتل فعليه الكفارة حقا لله، وعليه الدية حقا لأهل القتيل، كما نصت عليه الآية الكريمة، وأكرر التنبيه إلى خطورة حمل الأسلحة دون ترخيص، وإلى وجوب الالتزام بالأوامر فهى للمصلحة.

هذا، والدية قدَّرها مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف بمقدار ٤٢٥٠ جراما من الذهب الخالص، كما جاء فى فتاوى الشيخ جاد الحق شيخ الأزهر "ج ٥ص ٧٨"

<<  <  ج: ص:  >  >>