[ردة عن الإسلام]
المفتي
عبد اللطيف حمزة.
شعبان سنة ١٤٠٣ هجرية - ٦ يونيه سنة ١٩٨٣ م
المبادئ
١ - إذا قال الذمى أو المجوسى دخلت فى الإٍسلام، أو أسلمت - كان مسلما ويحكم بإسلامه، ولو لم ينطق بالشهادتين، لأن الإسلام يتضمنها.
٢ - لما كانت الإحكام الدنيوية تناط بالأمور الظاهرة فقد جعل الشارع مناطها الإقرار باللسان، بأن يأتى بالشهادتين أو ما فى معناهما.
٣ - إذا كان الولد غير بالغ أو غير عاقل يتبع خير الأبوين دينا.
٤ - الولد الذى صار مسلما تبعا لأحد والديه أو تبعا لهما يظل مسلما بعد بلوغه ولا يحتاج إلى تجديد اسلامه ولو وارتد أبواه عن الإسلام أو ارتد من أسم منهما ظل هو على اسلامه.
٥ - ابداء الرغبة فى اثبات الديانة المسيحية ممن أسلم بالبطاقة يعتبر ردة عن الإسلام يجب قتله إن لم يتب ويرجع إلى الإسلام متبرئا مما فعل
السؤال
بكتاب السيد اللواء / محمد أمين مدير الإدارة العامة للشئون الإدارية بوزارة الداخلية الرقيم ٥٧٣ المؤرخ ٢٦م٤م١٩٨٣ المقيد برقم ١٥٢ لسنة ١٩٨٣ المتضمن الافادة بالرأى فى أن أحد المسيحيين قد رغب فى الزواج من مسلمة فأشهر اسلامه وتزوج منها وكان متزوجا من قبل بمسيحية وأنجب منها ولدين على الديانة المسيحية وأنه لدى بلوغهما سن السادسة عشر استخرجت بطاقة شخصية لكل منهما أثبت بخانة الديانة أنهما مسلمان طبقا لديانة والدهما الظاهرة وبعد بلوغهما السابعة والثلاثين والخامسة والثلاثين أبديا أنهما ظلا على عقيدتهما الأولى المسيحية ويرغبان تغيير بيانات بطاقتهما الشخصية باثبات الديانة المسيحية الباقيين عليهما
الجواب
أنه قد جاء فى مجمع الأنهر عن الخانية وعن بعض المشايخ إذا قال اليهودى دخلت فى الإسلام يحكم بإسلامه وإن لم يقل تبرأت من اليهودية لأن قوله دخلت فى الإسلام إقرار بدخول حادث فى الإسلام وأفتى البعض فى ديارنا باسلامه من غير تبرى وهو المعمول به الآن والمجوسى إذا قال رجل للذمى أسلم فقال أسلمت كان مسلما ومثله فى التفاوى الأنفروية وفى رد المحتار على الدر المختار وفى المغنى لابن قدامة (وإن قال أنا مؤمن أو أنا مسلم قال القاضى يحكم بإسلامه بهذا وإن لم يلفظ بالشهادتين لأنهما أسمان لشئ معلوم معروف وهو الشهادتان فإذا أخبر عن نفسه بما تضمن الشهادتين كان مخبرا بهما وروى المقداد أنه قال يا رسول الله أرأيت أن لقيت رجلا من الكفار فقاتلنى فضرب إحدى يدى بالسيف فقطعها ثم لاذمنى بشجيرة فقال أسلمت افأقتله يا رسول الله بعد أن قالها قال لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وأن بمنزلته قبل أن يقول كلمته التى قالها وعن عمران بن حصين قال أصاب المسلمون رجلا من عقيل فأتوا به النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد أنى مسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كنت قلت وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح رواها مسلم - انتهى - وحقق العلامة ابن عابدين فى حاشيته رد المحتار على الدر المختار إن الذمى يهوديا كان أو نصرانيا إذا قال أنا مسلم صار بذلك مسلما فى عرف بلادنا وإن لم يسمع منه النطق بالشهادتين كما صرح به فى شرح السيد ولما كانت الأحكام الدنيوية إنما تناط بالأمور الظاهرة المنضبطة جعل الشارع مناطها الإقرار باللسان بأن يأتى المرء بكلمتى الشهادتين أعنى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله أو ما فى معناهما فإذا كان الثابت أن الأب فى الحالة المعروضة قد أشهر إسلامه وتزوج من مسلمة حكمنا بإسلامه وأجرينا عليه أحكام المسلمين الدنيوية من جواز الصلاة خلفه والصلاة عليه إذا مات ودفنه فى مقابر المسلمين إلى غير ذلك.
أما عن الولدين فقد قال الله سبحانه وتعالى فى القرآن الكريم {والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شىء كل امرئ بما كسب رهين} وفى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى رواه البخارى ومسلم عن أبى هريرة (كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه هما اللذان يهودانه أو ينصرانه) وقد أخذ الفقهاء من هذين النصين وغيرهما قاعدتهم أن الولد إذا كان غير بالغ وغير عاقل يتبع خير الأبوين دينا فإذا كان الأبوان كتابين وأسلم أحدهما تبعه الأولاد الذين لم يبلغوا أو كانوا غير عقلاء ويسمون هذا بالإسلام تبعا ولو تزوج مسلم كتابية أو يهودية أو نصرانية فأولاده منهما يكونون مسلمين تبعا له ويظل الولد الذى صار مسلما بالتبع للمسلم من أبويه أو بالتبع لهما إذا أسلما يظل مسلما بعد بلوغه ولا يحتاج إلى تجديد اسلامه ولو ارتد أبواه عن الإسلام أو ارتد من أسلم منهما والعياذ بالله ظل هو على إسلامه.
لما كان ذلك وكان الظاهر من السؤال أو الوالد قد اعتنق الإسلام كان ولداه من زوجته المسيحية مسلمين بالتبع له منذ اعتناقه الإسلام وذلك بمقتضى نص الآية الكريمة والحديث الشريف المرقومين وقد تأكد إسلام الولدين باستخراج البطاقة الشخصية لكل منهما عند بلوغه السادسة عشرة وإثبات أنه مسلم فى خانة الديانة.
وما أبداه الولدان من رغبة فى تغيير بطاقتهما وإثبات الديانة المسيحية فيها يكونان به مرتدين عن دين الإسلام والحكم الشرعى يقضى بقتل المسلم الذى بدل دينه إذا أصر على ردته ولم يتب ولم يرجع إلى الإسلام متبرئا مما فعل وهذا الحكم لا يتنافى مع الحرية الشخصية لأن حرية العقيدة لا تستتبع الخروج عن الإسلام بمؤشرات المادة أو التضليل وإذا كان نواقع الحال أن حد الردة بقتل المرتد إذا أصر على ردته غير منفذ الآن فإن حماية المجتمع تقتضى انزال العقوبات الرادعة بهما باعتبارهما مخالفين للنظام العام الذى تأمر القوانين بالتزامه فقد نص الباب الأو من الدستور وهو خاص بالدولة - فى المادة الثانية على أن دين الدولة الإسلام وإن لغتها الرسمية اللغة العربية وإن الشرعية الإسلامية مصدر للتشريع وهذا يقطع بأن نظام الدولة العام هو الإسلام وإن خروج المسلم عن هذا الدين يعتبر خروجا على النظام العام للدولة الأمر الذى يستلزم - المساءلة التأديبية على هذا الجرم وإذا كانت شريعة الإسلام تأمر باستتابة المرتد عنها ونصحه وإزالة شبهته فأنى أقترح أولا استتابتهما ونصحهما وازالة شبهتهما الدينية بمعرفة أحد علماء المسلمين المختصين حتى تتضح هويتهما والمغريات التى تعرضا لها.
ثانيا لما كان ما رغبا فيه مخالفا للنظام العام للدولة فإنهما لا يقرأن عليه فالواجب عدم مسايرتهما فى تغيير ديانتهما فى الأوراق الرسمية.
ثالثا اتخاذ الإجراءات التأديبية ضدهما إذا كانا موظفين عموميين لخروجهما على النظام العام للدولة وعلى مقتضيات وظيفتهما بهذا الاعتبار حتى ينالا جزاءهما تأديبيا بعد إذ تعذر مساءلتهما جنائما