لماذا قال الله فى بعض السور {آمنا برب العالمين رب موسى وهرون} وفى بعضها {آمنا برب هارون وموسى} فما هو السر فى تقديم موسى مرة وتأخيره مرة أخرى؟
الجواب
جاء التعبير عن إيمان سحرة فرعون بالله الذى أرسل إليهم موسى وهارون جاء فى ثلاث سور هى الأعراف وطه والشعراء، وفى بعضها قدم ذكر موسى على هارون وفى بعضها الآخر قدم هارون على موسى.
وليست لذلك حكمة منصوصة، بل هى استنتاجات قد تصادف الحقيقة وقد تنبو عنها، وقد قال علماء النحو: إن العطف بالواو يفيد مطلق الجمع دون ترتيب ولا تعقيب، فالله ربُّ موسى وهارون جميعا، وإيمان السحرة بهما واحد لا ميزة فيه لأحد على الآخر.
غير أن من مظاهر البلاغة العربية، التناسب بين رءوس الفقرات، والقران الكريم فى أعلى درجات البلاغة. فناسب بين رءوس الآيات حتى يكون وقف القارئ عليها فيه مسحة من جمال الأداء.
والناظر إلى سورة الأعراف يجد آياتها تنتهى بنون قبلها مَدُّ بالواو أو الياء، ونادرا ما يوجد بدل النون ميم أو لام، فالصوت عند الوقف يَسْكن دون انطلاق نَفَسِ مع الإحساس بنغمة مؤثرة، ولذلك كان لفظ "هارون " مؤخرا على لفظ " موسى" لتناسب رءوس الآيات، ونجد مثل ذلك فى سورة الشعراء {رب موسى وهارون} ومن أجل مراعاة التناسب فى سورة الشعراء حذفت ياء المتكلم من آخر الكلمة وبقيت النون التى هى للوقاية وليست للرفع لأن الفعل قد يكون منصوبا مثل "أخاف أن يكذِّبون " ومثل " فأخاف أن يقتلون " ليتناسب مع {آمنا برب العالمين. رب موسى وهارون} أما فى سورة طه فنهاية الآيات صوت مطلق بالمد المفتوح فى أغلبها، وقليل منها بالمد المكسور، وذلك يتناسب مع لفظ " موسى" فقدم عليه لفظ هارون لتنتهى الآية بما يتناسب مع نهايات الآيات الأخرى، مثل {طه ما أنزلنا عليك القران لتشقى.إلا تذكرة لمن يخشى. تنزيلا ممن خلق الأرض والسموات العُلى. الرحمن على العرش استوى} فيتناسب معه {آمنا برب هارون وموسى} .
هذا ما ظهر لى من الحكمة، ولا أجزم بأنها المراد لله سبحانه