للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التقبيل]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

ما رأى الدين فى التقبيل؟

الجواب

موضوع التقبيل، تاريخا وموضعا، وغرضا وحكما بين الجنس الواحد وبين الجنسين موضوع طويل ذكرت كثيرا منه فى الجزء الثانى من موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام، ورجعت فيه إلى عدة مراجع منها " غذاء الألباب للسفارينى " وكتب التفسير والأدب، ورسالة " رحيق الفردوس فى حكم الريق والبوس " لإبراهيم الجنينى المتوفى ١١٠٨ هـ ورسالة " إعلام النبيل بجواز التقبيل " للصديق الغمارى المغربى.

وهذه خلاصة مركزة لما جاء عنه، مجردة عن الأدلة ومناقشتها:

إن كان التقبيل بين الجنس الواحد، كالرجل للرجل والمرأة للمرأة فلا مانع منه شرعا بشرطين، الأول ألا يكون فيه لذة، والثانى ألا يكون لغرض فاسد، ومنه تقبيل يد الفاسق لتكريمه، أما إن كان خوفا من بطشه فهو جائز للضرورة، ومما أثر فى ذلك:

١ - أن النبى صلى الله عليه وسلم تلقى جعفر بن أبى طالب عند عودته من الحبشة فالتزمه وقبل ما بين عينيه.

٢ - لما دخل زيد بن حارثة عليه فى بيت عائشة قام إليه عرْيًا يجر ثوبه، كما تقول عائشة: والله ما رأيته عريانا قبله ولا بعده، فاعتنقه وقبله.

٣- لما عاد الغزاة من " مؤتة " قبَّلوا يد النبى صلى الله عليه وسلم.

٤ - لما تاب الله على الذين خلفوا عن غزوة تبوك قبلوا يد النبى صلى الله عليه وسلم ٥ - سمح النبى صلى الله عليه وسلم لوفد عبد القيس أن يقبِّلوا يده، بل ورجله.

٦- سمح لأسيد بن حضير أن يقبله حين طلب أن يكشف عن جسمه ليقتص منه لما طعنه بعود، وكان ذلك تبركا.

٧ - سأله يهوديان عن تسع آيات بينات، فلما بينها لهما قبَّلا يده ورجله وأسلما.

٨- لما قدم عمر بن الخطاب الشام قبَّل أبو عبيدة يده، وجاء فى رواية أن أبا عبيدة أراد أن يقبلها فقبضها عمر فتناول أبو عبيدة رجله وقبلها.

٩ - قبَّل زيد بن ثابت يد عبد اللَّه بن عباس حين أخذ بركابه وهو يركب احتراما للعلماء، فقبلها زيد احتراما لآل بيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

١٠ - قبل الناس يد سلمة بن الأكوع لما علموا أنه بايع النبى صلى الله عليه وسلم بها.

والذى رخص فى التقبيل للتكريم والتدين أحمد بن حنبل وغيره من الأئمة، أما مالك وجماعة آخرون فقد كرهوه، أى كرهوا مَدَّ اليد ليقبلها الناس، لأن ذلك مظهر من مظاهر العجب والكبرياء، واستأنسوا فى المنع بقبض عمر يده لما أراد أبو عبيدة تقبيلها أما التقبيل بين الجنسين فحكمه يتحدد بسبب الغرض منه، وبحسب موضع التقبيل، فقد يكون للعطف والحنو، كتقبيل الوالد لبنته والوالدة لابنها، والأخ لأخته والأخت لأخيها، وذلك لا مانع منه ما لم يكن بشهوة، وقد جاء من ذلك:

١ - أن النبى صلى الله عليه وسلم قبَّل بنته فاطمة حين دخلت عليه فقام إليها وقبلها وأجلسها فى مجلسه، بل صرحت بعض الروايات أنه قبلها فى فمها، كما قبلها وهو فى مرضه الأخير.

٢ - لما دخل أبو بكر على أهله وكانت عائشة مضطجعة قد أصابتها حمى، قبلها فى خدها. وكذلك قبل خالد بن الوليد أخته.

وقد يكون التقبيل للتكريم كتقبيل الولد لأمه والبنت لأبيها، وتقبيل الكبير من العمات والخالات. وهو يكون غالبا فى الرأس أو اليد، ولا مانع منه، لكنه مكروه فى المواضع الحساسة كالخد والفم إن كان بغير شهوة، فإن كان بشهوة كان حراما.

وقد يكون التقبيل بين الجنسين للذة، وهو بين الزوجين لا مانع منه فإن ما هو أكبر من ذلك حلال لهما. أما بين الأجانب فهو حرام.

هذا هو ملخص حكم التقبيل، ومع كونه مباحا فى بعض الصور فيستحسن الإقلال منه، والبعد عن الفم وما قد يكون منه ضرر صحى كما نصح الأطباء. وللاستزادة يرجع إلى المراجع المذكورة

<<  <  ج: ص:  >  >>