مع التسليم بأن غاية التصوف تصفية النفس مما يبعدها عن الله، فإن الوسيلة المشروعة لذلك هى السير على منهج الله الذى وضعه لأوليائه وأعد لهم ثواب الأمن والسعادة كما قال سبحانه {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. الذين آمنوا وكانوا يتقون. لهم البشرى فى الحياة الدنيا وفى الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم} يونس: ٦٢ - ٦٤.
ومن المنهج الدينى لتصفية النفس ذكر الله، وقد حثَّ الله عليه ووسع مجالاته وحدوده فقال {يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا.
وسبحوه بكرة وأصيلا} الأحزاب: ٤١ - ٤٢، وأسماء الله الحسنى خير ما يذكر به كما قال سبحانه {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها} الأعراف: ١٨٠، وقال {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى} الإسراء: ١١٠، وأسماؤه سبحانه مذكورة فى القرآن والسنة، حصرها بعض العلماء فى تسعة وتسعين وقال إنها توقيفية وقال بعضهم: إنها أكثر من ذلك.
وبصرف النظر عن حصر أسماء الله، وعن اختلاف العلماء فى جواز ذكره بالاسم المفرد-فإن لفظ "آه " لم يثبت بسند صحيح أنه اسم من أسمائه تعالى. وعليه فلا يجوز الذكر به على ما رآه جمهور الفقهاء، وما يروى من أن النبى صلى الله عليه وسلم زار مريضا كان يئن وأن أصحابه عليه الصلاة والسلام نهوه عن الأنين، وأنه قال لهم "دعوه يئن فإنه يذكر اسما من أسمائه تعالى" لم يرد فى حديث صحيح ولا حسن كما قرره الثقات، وما قيل فى بعض الحواشى من أن لفظ "آه " الاسم الأعظم لا سند له.
وقد أفتى شيخ الجامع الأزهر المرحوم الشيخ محمد أبو الفضل الجيزاوى فى هذه المسألة فقال ما نصه: إن هذا اللفظ المسئول عنه "آه " بفتح الهمزة وسكون الهاء -ليس من الكلمات العربية فى شىء، بل هو لفظ مهمل لا معنى له مطلقا. وإن كان بالمد فهو إنما يدل فى اللغة العربية على التوجع، وليس من أسماء الذوات، فضلا عن أن يكون من أسماء الله الحسنى التى أمرنا أن ندعوه بها. .. إلى أن قال: ولا يجوز لنا التعبد بشى لم يرد الشرع بجواز التعبد به. وفى الصحيحين عن عائشة رضى الله عنها عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال "من أحدث فى أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"[مجلة الأزهر-المجلد الثالث سنة ١٣٥١ هـ ص ٤٩٩]