للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قبة الصخرة]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

نسمع أن هناك قبة فى فلسطين تسمى قبة الصخرة، فهل هي كما يقال معلَّقة فى الجو أو على قمة جبل أو على الأرض؟

الجواب

يقول ابن خلدون فى مقدمته ص ٢٤٩: لما كان موسى وبنو إسرائيل فى التيه أمره الله باتخاذ قبة من خشب السنط يوضع فيها التابوت والمائدة وبها منائر بقناديل، فبناها ووضع فيها تابوت العهد الذى فيه الألواح التى صنعت عوضا غن الألواح المنزلة بالكلمات العشر لما تكسرت، وكانوا يصلون فى التيه إلى هذه، القبة التى بين خيامهم، ولمَّا دخلوا الشام وبقيت قبتهم قبلتهم وضعوها على الصخرة ببيت المقدس، وأراد داود بناء مسجده على الصخرة مكانها فلم يتم له ذلك فبناه ابنه سليمان واتخذ عمده من الصخر وجعل صرح الزجاج وغشى أبوابه وحيطانه بالذهب، وصاغ هياكله وتماثيله وأوعيته ومنارته من الذهب. . .

وتعرض بيت المقدس للتخريب على يد بختنصر بعد ٣٠٠ سنة من بنائه، كما خرَّبه آخرون، ولما جاء قسطنطين وتنصرت أمة هيلانة استخرجت "الخشبة التى صلب عليها المسيح من وسط القمامة،وبنت مكان القمامة كنيسة القمامة أو القيامة كأنها على قبره بزعمهم، وخربت ما وجد من عمارة البيت وأمرت بطرح الزبل والقمامات على الصخرة حتى غطتها.

ولما ذهب عمر بن الخطاب إلى الشام وسأل عن الصخرة أزال عنها التراب وبنى عليها مسجدا يعرف بمسجد عمر، ولما جاء الصليبيون هدموها وبنوا عليها كنيسة قام بهدمها صلاح الدين سنة ٥٨٠هـ وأظهر الصخرة وبنى المسجد مكانها على النحو الذى هو عليه الآن " ابن خلدون توفى سنة ٨٨٠ هـ = من مارس ٦ ٠ ٤ ١ م ".

وجاء فى كتاب الشعب " مساجد ومعاهد"ج ٢ ص ١٢٦: أن البطريق دل عمر على الصخرة ليبنى مسجدا وقال: هى التى كلَّم الله عليها يعقوب.

وفى ص ١٥ وما بعد بقلم د: السيد محمود عبد العزيز سالم: أن قبة الصخرة فى وسط الحرم الشريف ببيت المقدس، وكانت موضع احترام الأديان الثلاثة، أنشأها الخليفة الأموى عبد الملك بن مروان بشكل ينافس الكنيسة المجاورة، وشرع فى بنائها سنة ٧١ هـ (٦٩٠ م) وأتمها سنة ٧٢ هـ واختار لبنائها أرفع مكان فى ساحة الحرم الشريف وهو المكان الذى قيل إن الرسول صعد منه إلى السماء ليلة الإسراء.

وكان عمر قد أقامه حين زار الشام سنة ١٦ هـ وأقيم فيه مصلى من الخشب عرف باسمه، فأمر عبد الملك بإنشاء القبة على الصخرة المقدَّسة، وأطلق عليها أحيانا اسم جامع عمر.

ثم يقول:

قبة الصخرة بناء حجرى مثمن طول ضلعه ٠ ٥،٢٠ مترا تتوسطه قبة شديدة الارتفاع مصنوعة من الخشب مغطاة من الخارج بطبقة من الرصاص. وتقوم على رقبة اسطوانية تتفتح فيها ١٦ نافدة، وتتكئ الرقبة على دائرة من العقود نصف دائرية، وتقوم العقود بدورها على دائرة من الأعمدة والدعائم، وبين هذه الدائرة من العقود والمثمن الخارجى مثمن أوسط من الأعمدة والدعائم، ويدور بين هاتين الدائرتين من الأعمدة رواقان مخصصان للصلاة.

والصخرة قطعة من الصخر غير منتظمة طولها ١٨ مترا من الشمال إلى الجنوب وعرضها ١٣ مترا من الشرق إلى الغرب وأكثر أجزائها ارتفاعا لا يتجاوز مترا ونصف متر. وفى أسفلها غار كبير بداخله محراب صغير، ويربط أبدان الأعمدة عند منتصفها سياج يفصل بين الأروقة والصخره وترتبط تيجان الأعمدة فيما بينها بأوتار خشبية تلافيا للضغط الناشئ من القبة.

والجدران الخارجية لقبة الصخرة تبدو كمثمن طول كل ضلع من أضلاعه الثمانية ١٢ مترا ونصف متر، وارتفاعه تسعة أمتار ونصف متر، ويزدان كل ضلع من هذه الأضلاع بسبع طاقات مستطيلة معقودة فى أعلاها. . . وكانت جدران القبة مغطاة قديما بتربيعات الفسيفساء، ولكن السلطان سليمان القانونى استبدل بها سنة ٩٥٢ هـ (١٥٤٥ م (حشوات من الخزف الرائع.

وقد وصفها الرحالة الفارسى " ناصر خسرو" فى النصف الأول من القرن الخامس للهجرة، بما يقرب من ذلك وقال: الصخرة أعلى من الأرض بمقدار قامة الرجل، وقد أحيطت بسياج من الرخام حتى لاتصل يد إليها. والصخرة حجر أزرق لونه لم يطأها أحد برجله أبدا ومن ناحيتها المواجهة للقبلة، انخفاض كأنَّ إنسانا سار عليها، فبدت اثار أصابع قدميه فيها كما تبدو على الطين الطرى وقد بقيت عليها آثار سبع أقدام، وسمعت أن إبراهيم كان هناك وكان إسماعيل طفلا فمشى عليها، وهذه آثار أقدامه.

تلك نبذة بسيطة من كتابات كثيرة عن الصخرة والقبة التى بنيت عليها ويهمنا أن نعمل على استعادتها من أيدى الغاصبين، وأن تتاح الفرصة لشد الرحال إليها فالصلاة فيها تعدل خمسمائة صلاة فيما سواها كما ورد فى الحديث

<<  <  ج: ص:  >  >>