أثناء المحاضرات فى الجامعة هل يخرج الدارسون للصلاة عند سماع الأذان، وقد تكون المحاضرة لمدة ساعتين وبالتالى قد تفوت صلاة المغرب؟
الجواب
وقت الصلاة موسَّع بين أوله وآخره وإن كان التعجيل بالصلاة فى أول وقتها أفضل.
لكن محل ذلك إذا لم يكن الإنسان مشغولا بشىء هام يفوت منه لو تركه وذهب إلى الصلاة فى أول الوقت، وهنا يمكن أن يؤخر الصلاة إلى قبيل دخول وقت الصلاة الثانية.
أما إذا كان زمن المحاضرة يشغل الوقت كله بحيث لو استوعبها الطالب فاتت منه الصلاة فيجب عليه أن يتركها ويؤدى الصلاة، ويمكن تدارك ما فات منه بوسيلة أو بأخرى وبخاصة إذا كانت المحاضرة فى موضوع ليس واجبا حتما تعرف به الواجبات الأساسية على الإنسان نحو ربه ونحو مجتمعه، بل هو موضوع من الدرجة الثانية التى يكون تعلمها نافلة وليس فرضا.
ثم أقول لصاحب السؤال الذى يجب عليه أن يترك المحاضرة ليؤدى الصلاة حتى، لا تفوت منه يجب عليه أيضا أن ينبه الأستاذ إن كان مسلما كما ينبه الطلاب إلى حرمة تضييع الصلاة وإلى وجوب ترك المحاضرة حتى يؤدوا الصلاة، لأن هذا من باب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، ولكن يجب أن يكون ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة.
أرجو أن يمكِّن الأساتذة الطلاب من أداء الصلاة فى وقتها كما يجب عليهم هم أن يصلوا وأن يؤجلوا ما بقى من المحاضرات إلى وقت آخر، حتى يبارك الله لهم جميعا فيما يتعلمون فتقوى الله أكبر عامل على السعادة فى الدنيا والآخرة.
وأؤكد أن وقت الصلاة متسع ولا يتحتم على الطالب أن يترك المحاضرة ليؤدى الصلاة فى أول وقتها، فأداؤها فى أول وقتها سنة وطلب العلم سنة، وبهذه المناسبة ذكر ابن القيم فى كتابه "مفتاح دار السعادة ص ٢٥ " أن كثيرا من الأئمة صرَّحوا بأن أفضل الأعمال بعد الفرائض طلب العلم، فقال الشافعى: ليس شىء بعد الفرائض أفضل من طلب العلم، وهذا الذى ذكر أصحابه عنه أنه مذهبه وكذلك قال سفيان الثورى وحكاه الحنفية عن أبى حنيفة، وأما أحمد فحكى عنه ثلاث روايات، إحداهن أنه العلم، فإنه قيل له: أى شىء أجب إليك، أجلس بالليل أنسخ أو أصلى تطوعا؟ قال تعلم به أمور دينك فهو أحب إلىَّ، وذكر الخلاَّل عنه فى كتاب العلم نصوصا كثيرة فى تفضيل العلم وأما مالك فقال ابن القاسم: سمعت مالكا يقول: إن أقواما ابتغوا العبادة وأضاعوا العلم فخرجوا على أمة محمد صلى الله عليه وسلم بأسيافهم، ولو ابتغوا العلم لحجزهم عن ذلك! وذكر ابن القيم أيضا أن أبا نُعيم وغيره نقلوا عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال "فضل العلم خير من نفل العمل وخير دينكم الورع "وقد روى هذا مرفوعا من حديث عائشة رضى الله عنها، وفى رفعه نظر. . . [الرفع أى الإسناد إلى النبى صلى الله عليه وسلم] هذا الكلام هو فصل الخطاب فى هذه المسألة فالعلم يعم نفعه صاحبه والناس معه، والعبادة يختص نفعها بصاحبها، ولأن العلم تبقى فائدته بعد موته والعبادة تنقطع، والحديث فى ذلك معروف "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له " رواه مسلم