ما رأى الدين فى بعض الرسوم الكاريكاتيرية التى تظهر فى الصحف ويسخر فيها أصحابها من عالم الآخرة، حيث يصورون ملائكة الرحمة أو زبانية الجحيم فى صورة مهرجين أو مستهترين؟
الجواب
الملائكة أجسام نورانية قادرون على التشكل بالأشكال الحسنة المختلفة، وصفهم الله سبحانه وتعالى فى القران الكريم بأنهم مطهرون كرام بررة، عباد مكرمون، لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون، لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون، أى لا يتعبون، يسبحون الليل والنهار لا يفترون، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون. وناط بهم أعمالا فى مملكته الواسعة، يؤدونها بأمانة وصدق كما أمرهم الله سبحانه، وكما تقض به طبيعتهم الخيرة التى لا تعرف الشر، ولا العصيان. وقد أمرنا الله سبحانه أن نؤمن بهم على هذه الصورة الكريمة كما أمرنا أن نؤمن برسله وكتبه، وحرم الاستهزاء والاستخفاف بهم أو تحقيرهم بأية صورة من الصور كما حرم ذلك بالنسبة للرسل، قال تعالى {من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين} البقرة: ٩٨ وقد كان اليهود يَعُدُّون جبريل عليه السلام عدوا لأنه ينزل بالوحى الذى يفضح أحوالهم، وبما يتعارض مع مصالحهم كما يتصورون.
ومن هنا يحرم أى شىء لا يصور الملائكة بصورتهم التى صورها القران الكريم، سواء أكان ذلك قولا أم فعلا: برسم أو ت! مثيل أو كلام أو غيره، فذلك كذب لأنه لا يمثل الحقيقة، والكذب حرام، كما حرم الكذب على الرسل الذى جاء فيه الحديث المتفق عليه " من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار " وهو وإن كان فى شأن النبى صلى الله عليه وسلم فهو يشمل كل الرسل {لا نفرق بين أحد من رسله} البقرة: ٢٨٥ بل الكذب حرام حتى على غيرهم ممن ليست لهم مكانتهم العالية ومنزلتهم الرفيعة. كما يحرم الاستهزاء والاستخفاف بالملائكة وكل من لهم قداسة وتقدير، فإن ذلك يؤدى إلى الكفر، لمنافاته لتشريف الله لهم بأنهم عباد مكرمون، ويقول سبحانه {الله يصطفى من الملائكة رسلا ومن الناس} الحج: ٧٥.
وإذا فقدنا ثقتنا بهذه الصفوة الممتازة من خلق الله فبمن نثق بعد ذلك وهم ليسوا فى درجتهم، إن مثل هذه الاستهانة بالملائكة والرسل وكرام الناس من الأولياء والعلماء الذين جعل الله لهم البشرى فى الحياة الدنيا وفى الآخرة، وقال فيهم {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات} المجادلة: ١١.
إن هذه الاستهانة مدرجة إلى التحلل من كل القيم الرفيعة، والواجب علينا جميعا أن نقف بحزم وشدة أمام هذا التسيب فى العقيدة والأخلاق، {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} الأنفال: