[التداوى بالخمر]
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
ربيع الآخر ١٣٩٩ هجرية - ١٢ مارس ١٩٧٩ م
المبادئ
الخمر حرام ويجوز التداوى بالمحرم عند الضرورة بشروط معينة
السؤال
بالطلب المتضمن بيان رأى الدين فيما إذا كانت الخمر هى العلاج الوحيد بدون بديل لشفاء مريض مسلم.
والحكم الشرعى فى ذلك
الجواب
إن الخمر رجس محرم قطعا بقول الله تعالى فى سورة المائدة {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون} المائدة ٩٠، وقد أبان النبى صلى الله عليه وسلم فى أحاديث كثيرة تحريم الخمر أيا كانت المادة التى أخذت منها.
ومن هذه الأحاديث (كل مسكر خمر وكل خمر حرام) رواه الإمام مسلم فى صحيحه.
وقوله (ما أسكر كثيره فقليله حرام) رواه الإمام أحمد وابن ماجه والدار قطنى.
وقد اختلف فقهاء المذاهب فى إباحة التداوى بالمحرم ومنه الخمر.
فمنع التداوى بالمحرم فقهاء مذهبى الإمام مالك وأحمد بن حنبل، وأجاز التداوى به فقهاء مذهب الإمام أبى حنيفة فى القول المختار وفقهاء المذهب الشافعى فى أحد الأقوال وذلك بشرطين أحدهما أن يتعين التداوى بالمحرم بمعرفة طبيب مسلم خبير بمهنة الطب معروف بالصدق والأمانة والتدين.
والشرط الآخر ألا يوجد دواء من غير المحرم ليكون التداوى بالمحرم متعينا، ولا يكون القصد من تناوله التحايل لتعاطى المحرم، وألا يتجاوز به قدر الضرورة.
هذا وأساس هذه الإباحة الضرورة، لأن صون نفس الإنسان عن الهلاك من الضرورات الخمس التى هى مقاصد الإحكام فى الإسلام.
وقد استدل الفقهاء الذين أجازوا التداوى بالمحرم عند الضرورة بالشروط السابقة بآيات القرآن الكريم التى أباحت المحرمات عند الضرورة، ومنها قوله تعالى فى سورة البقرة {فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه} البقرة ١٧٣، ولما كانت إباحة التداوى بالمحرم حسبما تقدم فى قول فقهاء المذهب الحنفى، وقول فى مذهب الإمام الشافعى للضرورة، وكانت الضرورة تقدر بقدرها، فإنه ينبغى ألا يتمادى المريض المسلم فى تعاطى المحرم استغلالا لحال الضرورة.
فإن الله سبحانه يعلم السر وأخفى. وعلى المسلم الحريص على دينه أن يتحرى الصدق، وأن يبتعد عن الشبهات استبراء للدين، وألا يسوغ لنفسه رخصة أباحها الله دون حاجة وضرورة، وأن يجد ويجتهد فى طلب مشورة أكثر من طبيب مسلم قبل الإقدام على التداوى بالمحرم.
هذا وإنه مع التقدم العلمى فى كيمياء الدواء لم تعد حاجة ملحة لاستعمال الخمر فى التداوى لوجود البديل المباح.
ومما تقدم يعلم الجواب عما جاء بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم