[من أساليب التبشير]
المفتي
عطية صقر.
مايو ١٩٩٧
المبادئ
القرآن والسنة
السؤال
نرى أصحاب الأديان الأخرى يسلكون طرقا شتى لنشر دينهم لا ينتبه إليها المسلمون فهل يجوز أن نسلك فى دعوتنا إلى الإسلام مثل مسالكهم؟
الجواب
الدعوة إلى الدين وإلى كل عمل خيرى تحتاج إلى الأسلوب الصحيح القائم على دراسة علم النفس والنظريات التربوية ووسائلَ التأثير والإقناع، والتخطيط السليم لكل حركة تتخذ فى هذا المجال ويجمع ذلك كله كلمة "الحكمة" التى تقوم على وضع كل شىء فى موضعه {ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا} البقرة: ٢٦٩، يقول الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن} النحل: ١٢٥.
وقد وضِّح علماء الإسلام معنى الحكمة فى الدعوة ووضعت كتب كثيرة فى بيان المنهج لنشر الدين وتعاليمه، أشرت إلى شىء من ذلك فى كتابى "الدين العالمى ومنهج الدعوة إليه " وكتابى "الدعوة الإسلامية دعوة عالمية".
والكتابات العربية والإسلامية فيها الكفاية للتعرف على ذلك، ولكن هذا لا يمنع أن نستفيد من خبرات غيرنا فى هذا الميدان، ومبدأ الاستفادة مما عند الغير فيما هو مفيد مبدأ مسلَّم به، وتطبيقاته كثيرة لا يتسع المقام لذكرها.
ولقد عثرت على كتاب بعنوان "الغارة على العالم الإسلامى" لمؤلفه " ل:
شاتلييه " تحدث فيه عن خطط التبشير التى يوجد بعضها فى كتاب للقسيس "فليمينغ " الأمريكى فى الفصل الأول والثانى، ومما جاء فيه عن هذه الخطط ما يأتى:
١ -نشر اللغات الأوروبية، فعن طريقها يقرأ المسلمون أفكار الغرب فتهدم الفكرة الإسلامية التى لم تحفظ كيانها وقوتها إلا بعزلتها وانفرادها وهذا طريق غير مباشر لزحزحة العقيدة الإسلامية من نفوس المسلمين.
يقول: "شاتلييه، ولا شك أن إرساليات التبشير تعجز عن أن تزحزح العقيدة من نفوس المسلمين، ولا يتم لها ذلك إلا بتسرب الأفكار الغربية عن طريق اللغة، وهنا تقرأ الصحف وتمهد السبل لتقدم إسلامى مادى.
٢ - يكتفون بانحلال الروح الدينية، ولا يطمعون مباشرة فى إحلال فكرة بدلها، فسيأتى ذلك حتما بعد الفراغ الروحى أو تخلخل العقيدة الأولى.
وعدم فرض العقيدة إلا بعد الاطمئنان على تهيؤ النفس لها، ومحاولة عدم النزاع مع المسلم.
٣-خطتهم لها أساسان: الهدم والبناء، أو التحليل والتركيب.
٤ - الظهور بمظهر الوحدة والتعاون بين البروتستانت والكاثوليك.
لأن عقلاء المسلمين يرون فى اختلافهم طعنا فى جهودهم، ولا يهتمون بأفكارهم الدينية، بل يقتصرون على اقتباس الحضارة والأفكار الأخرى.
٥ - تخصيص مبشِّرين مناسبين للمسلمين، وآخرين للوثنيين.
٦ -استعمال الموسيقى لأنها تطرب المسلمين، وإلقاء الخطب بأصوات رخيمة وبفصاحة.
٧-تأسيس مصحات للقاء بالمرضى المسلمين، وملازمة المريض خصوصا عند الاحتضار كما أوصى "سمبسون " ومن وصية الدكتور "أراهارس " المبشر بطرابلس الشام أن الطبيب لا يجوز أن ينسى أنه مبشر أولا ثم طبيب ثانيا.
٨-تعلم لهجات المسلمين، وذلك للتغلغل مع كل طبقاتهم ومستوياتهم.
٩ -دراسة القرآن لمعرفة ما فيه والرد عليه أو نقده.
١٠ -مخاطبتهم على قدر عقولهم ورخامة الصوت وفصاحة اللسان.
١١ - عدم تخلل الخطابة لكلمات أجنبية عنهم لا يفهمونها فلا تصل إليهم الأفكار كاملة، وقد تثير الشك فى نفوسهم،أو تصرفهم عنهم.
١٢ - أهمية اختيار الموضوعات التى يتحدثون فيها، بحيث تكون منتزعة من واقع ظروفهم. واستغلالها لبث الفكر المطلوب الذى يشد انتباههم، وحتى لا يكونوا فى واد وهم فى واد آخر.
١٣ - التنبه لموضع المناقشات فى آيات القراَن والإنجيل.
١٤ -الخبرة بالنفس الشرقية. والاعتماد على التشبيه والتمثيل ووسائل الإيضاح أكثر من المنطق الذى لا يعرفه الشرقيون.
١٥ -إنشاء مدرسة لتخريج المبشرين فى مصر، وهم يحمدون الله لتوفيقهم لاختيار مصر.
١٦ - الاهتمام بتجنيد النساء فى الطب، لعدم خوف المسلمين منهن كما يخافون من الرجال.
١٧ -عرقلة جهود الأزهر فى بعثة العلماء إلى أفريقيا، وتعليمه الوافدين والإنفاق عليهم وعودتهم إلى بلادهم ثانية، لأن الإسلام ينمو بلا انقطاع فى أفريقيا، ومن عرقلة جهوده فتح مدارس وجامعات لتعليم اللغة العربية والدراسة الإسلامية على منهجهم وبأفكارهم.
١٨ - الاهتمام بتربية مبشرين علمانيين من بين المسلمين لينصِّروا غيرهم، لأن الشجرة يجب أن يقطعها أحد أصحابها كما قال "زويمر" فى كتابه "العالم الإسلامى".
٩ ١ -رسم خطة لتنصير العالم كله فى ٢٥ سنة " ص ٢٣٥".
٢٠ - التذرع بالصبر الطويل والثقة بالفوز.
٢١ - عمل صداقات واحتكاكات مع المسلمين، والظهور بمظهر المحب للخير لهم ولاستقلال لبلادهم، وعن طريق ذلك يكون الإعجاب بالفكرة التى تلقى عرضا.
٢٢- التحدث إلى الشبان فى التاريخ والأخلاق والاجتماع بعيدا عن الدين، ليجذبوهم إليهم، لأن أية طريقة لها صبغة دينية مصيرها الفشل.
٢٣ - الاهتمام بتأليف جمعيات للتقريب بين الطرفين لتنمية روح التفاهم الإنسانى.
٢٤ - التجاوز عن بعض عادات المسلمين كتعدد الزوجات.
٢٥ -الموازنة بين حياة الأمم النصرانية وأخلاقها، ومقابلها عند الأمم الإسلامية ليظهر ترجيح النصارى عليهم.
٢٦ - ظهور المبشر بأخلاق طيبة، لأنه صورة للمسيح فيجذب المسلم إليه.
٢٧ - نشر الإنجيل مترجما وكذلك الكتب الدينية، وفتح مكتبات للبيع بثمن زهيد، مع فرصة التحدث للمشترين.
هذا بعض ما نقلته من كتاب "الغارة على العالم الإسلامى" يمكن للدعاة المسلمين أن يستفيدوا منه فى إطار العقيدة والقيم الإسلامية.
وأكثر ما جاء من هذا التخطيط تشهد له النصوص وتقره فلسفة التربية.
وكتب عنه علماء الدين