للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خدمة الزوجة للضيوف]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

يتحمس بعض المجددين لإعطاء المرأة حقها فى النشاط الاجتماعى ولا يرون بأسا فى مجالسة الزوجة لأصدقاء زوجها وخدمتهم، فما حكم الدين فى ذلك؟

الجواب

فى حديث رواه البخارى وترجم له بقوله " باب قيام المرأة على الرجال فى العرس وخدمتهم بالنفس " وروى عن سهل بن سعد قال:

لما عَرَّس أبو أسَيْد الساعدى دعا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فما صنع لهم طعاما ولا قرَّبه إليهم إلا امرأته أم أسيد، بَلَّتْ تمرات فى تور من حجارة بالليل، فلما فرغ النبى من طعامه ماثته له فسقته تتحفه بذلك.

والتور إناء يشرب فيه وقد يتوضأ منه ويصنع من صفر أو حجارة، ومعنى ماثته: خلطته بالماء.

يقول العلماء: هذه الحادثة إما أن تكون قد وقعت قبل فرض الحجاب أو بعد فرضه، فإن كانت قبل فرضه فلا يصح أن يستدل بها على ما يدعيه بعض المتحمسين لتحرر المرأة واندماجها فى المجتمع وإن وقعت بعد فرض الحجاب - وهو لم يفرض إلا بعد الهجرة بثلاتَ سنوات أو أربع أو خمس فهل جاء فى الحديث أن أم أسيد كانت كاشفة لما أمر الله بستره، تسلم وتصافح المدعوين وتشاركهم الحديث وما يتبعه؟ إن من المقطوع به أن النبى صلى الله عليه وسلم لا يقرها على ذلك مطلقا إذا حدث، ومن هنا تكون أم أسيد قد التزمت الحجاب الذى فرضه اللَّه.

ونقول: إن خدمة المرأة للرجال فى حدود الحشمة الشرعية بكل مقوماتها القولية والفعلية، بل ومشاركتها لهم فى تناول الطعام غير ممنوع، وجاء فى موطأ الإمام مالك رضى الله عنه أن المرأة يباح لها أن تأكل مع الرجال. ويقول ابن القطان بناء على هذا: فيه إباحة إبداء المرأة وجهها ويدها للأجنبى، إذ لا يتصور الأكل إلا هكذا وإذا قال القرطبى فى تفسيره "ج ٩ ص ٦٨ " فى الحديث: إنه لا بأس أن يعرض الرجل أهله على صالح إخوانه ويستخدمها لهم - فلابد من الحذر فى فهم هذا الكلام حتى لا يتعارض مع مقررات الشرع -وقد قال بعد ذلك ويحتمل أن يكون هذا قبل نزول الحجاب.

إن مثل هذا النص لا يجوز أبدا أن يتخذ منطلقا للإباحة للمرأة أن تجالس أصدقاء الزوج على النحو المعروف الآن، ولابد لأى نص دينى أن يؤخذ مع النصوص الأخرى التى توضحه بالأساليب المعروفة، منعا لسوء الاستغلال، وعدم الاندفاع فى تيار التقليد العصرى الذى يخلق مشكلات وأخطار يعرفها الجميع

<<  <  ج: ص:  >  >>