[وقف استحقاقى والتغيير فيه]
المفتي
حسن مأمون.
رجب ١٣٧٦ هجرية - ٤ فبراير ١٩٥٧ م
المبادئ
١ - يشترط فى صحة تغيير الوقف فى ظل القانون ٤٨ سنة ١٩٤٦ أن يصدر به إشهاد ممن يملكه أمام محكمة شرعية بمصر وأن يضبط بدفتر المحكمة المذكورة.
٢ - إذا حدث التغيير قبل العمل بهذا القانون فلا يشترط لصحته صدور هذا الإشهاد وإنما يكون صحيحا متى توافرت فيه الشروط الشرعية.
٣ - جرى العمل بالمحاكم الشرعية على اشتراط الإشهاد لسماع الدعوى عند الإنكار طبقا للمادة ١٣٧ من اللائحة الشرعية.
٤ - بوفاة الواقف قبل العمل بهذا القانون يعتبر هذا الإشهاد تغييرا صحيحا بأنه لا قضاء فلا تسمع الدعوى به عند الإنكار، وعليه فليس لابن الواقف المذكور استحقاق فى هذا الوقف طبقا للفقرة الثالثة من المادة ٥٧ من هذا القانون.
٥ - إذا تقرر عدم سماع دعوى المستحقين لعدم وجد إشهاد رسمى طبقا للمادة ١٣٧ المذكورة، فإن الإشهاد المذكور فى السؤال لا يعتبر وصية لعدم توافر شروطها شرعا قانونا.
٦ - المبلغ المقدر المشروط لابن الواقف يعتبر مرتبا ثابتا لا يتأثر مطلقا بتغير الأسعار ولا بتغير قيمة الجنيه المصرى زيادة أو نقصانا ولا باختلاف الأزمنة
السؤال
سأل الأستاذ / رشدى زقلمة قال إن عوض رزق الله أوقف وقفا واطلعنا على صورة رسمية من كتاب الوقف الصدر من عوض رزق الله حنا أمام محكمة الأزبكية الشرعية بتاريخ ١٠ يونية سنة ١٩٢٠ وتبين أنه وقف أطيانا قدرها مائة وسبعة أفدنة وثلاثة عر قيراطا وثمانية أسهم وجميع الحصة التى قدرها النصف على الشيوع فى المبانى المقامة على القطعتين ٣، ٩ بحوض تفاتيش المعينة بكتاب الوقف، وأنشأ جميع وقفه هذا على نفسه ثم من بعده جعل مائة فدان وخمسة أفدنة واثنى عشر قيراطا وثلاثة عشر سهما وما عليها من المبانى وقفا على بناته الأربع وهن - فريدة ن وجليلة، وكوكب ولولة بالسوية بينهن مرابعة ثم على أولادهن ذكورا وإناثا بالسوية كذلك ثم على ذريتهن ونسلهن وقفا مرتب الطبقات بالإنشاء والشروط الواردة بكتاب الوقف المذكور وباقى الموقوف وهو فدانان وتسعة أسهم وما يخص الواقف فى المبانى التابعة لهذه الحصة السابق ذكرها تكون وقفا على ابن أخ الواقف وهو فرج غبريال زوج فريدة بنت الواقف المذكورة ثم من بعده على أولاده وذريته من الست فريدة على النص والترتيب السابق ذكرهما، وشرط الواقف فى وقفه هذا شروطا منها أن يدفع لنخلة ابن الواقف شهريا مبلغا قدره اثنا عشر جنيها مصريا ما دام حيا وبموته يرجع ذلك لأصل الوقف، ومنها أن من يطعن من الموقوف عليهم فى إنشاء وشروط هذا الوقف يحرم من استحقاقه وخصوصا نخلة ابن الواقف.
فإذا فعل شيئا من ذلك يكون محروما من المبلغ المشروط له ن ومنها أن للواقف المذكور حق الشروط العشرة يكررها كلما أراد.
ثم بتاريخ ٧ أبريل سنة ١٩٢٧ م صدر من عوض رزق الله الواقف المذكور إشهاد أمام بطريركية الأقباط الأرثوذكس بالقاهرة وسجل بسجل الحجج والوقفيات والوصايا الخاص بديوان البطريركية المذكورة بتاريخ ٨ أبريل سنة ١٩٢٧ م ١٥١٥ - ٢٣١ وفيه أشهد على نفسه ان ريع جميع الأطيان التى وقفها على أولاده ضمن حجة شرعية محفوظة تحت يد فرج غبريال ابن أخيه غبريال يقسم بالمساواة بين أولاده الربعة وهم فريدة وجليلة ولولة وابنه نخلة بالتساوى بينهم كل بحق الربع بشرط أن تكمل حصة ابنه نخلة إلى الربع بعد المرتب الذى شرط له وهو الاثنا عشر جنيها مصريا مدة حياته، كما قرر هذا المشهد أن نصيب ابنه نخلة ينتقل من بعده إلى أولاده وذريته، وتبين من السؤال أن الواقف المذكور توفى فى سنة ١٩٤٦ م عن أولاده المذكورين.
وطلب السائل بيان الحكم الشرعى والقانونى فيما يأتى أولا هل يعتبر الإشهاد الصادر من الواقف فى سنة ١٩٢٧ م أمام البطريركية المذكورة تغييرا فى وقف الأطيان فيستحق بمقتضاه نخلة ابن الواقف مع إخواته فى ريع هذه الأطيان أولا ثانيا وعلى فرض أن هذا الإشهاد لا يعتبر تغييرا ولا يستحق بمقتضاه نخلة المذكور فى ريع هذه الأطيان بصفته تغييرا فى الوقف فما يكون حكمه فى هذه الحالة هل يعتبر وصية من الواقف لابنه نخلة بمقدار هذا الاستحقاق وينشئ له حقا يستوفيه من تركة أبيه فى غير الأطيان الموقوفة ما دام لا يمكن تنفيذه فى هذه الأطيان أو ماذا يكون حكمه ثالثا هل المرتب الذى شرطه الواقف لابنه نخله المذكور وقدره اثنا عشر جنيها يعطى له دون زيادة فيه الحال أن وقت ما شرط الواقف له هذا المرتب كانت الأسعار أقل بكثير عنها الآن وكانت قيمة الجنيه فى هذا الوقف تعادل ما يقرب من قيمة خمسة جنيهات الآن
الجواب
عن السؤال الأول أن المادة الأولى من قانون الوقف رقم ٤٨ لسنة ١٩٤٦ م قد اشترطت لصحة التغيير فى الوقف الصادر بعد العمل بهذا القانون أن يصدر بالتغيير إشهاد ممن يملكه لدى إحدى المحاكم الشرعية بالمملكة المصرية على الوجه المبين المادتين الثانية والثالثة من هذا القانون ويضبط أرضا بدفتر المحكمة المذكورة، فما لم يسمع الأشهاد بالتغيير على هذا الوجه لا يكون صحيحا ولا يثبت به أى حق، أما إذا كان التغيير قد حدث قبل العمل بهذا القانون كما فى حادثة السؤال فلا يشترط لصحته صدور هذا الإشهاد وإنما يكون صحيحا متى توافرت فيه الشروط الشرعية سواء صدرت صيغته ممن يملكه بالقول أو بالكتاب وساء أكانت الكتابة عرفية أو رسمية، وكان عمل المحاكم الشرعية بمصر قبل صدور القانون المذكور جاريا على هذا وكانت الدعوى بالوقف وكل ما يتعلق به تسمع أمام هذه المحاكم عند عدم إنكار المدعى عليهم ولو لم يوجد الإشهاد المذكور، ولم يكن يشترط وجود إشهاد رسمى تتوافر فيه الشروط المنصوص عليها فى المادة ١٣٧ من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية إلا لسماع الدعوى عند إنكار المدعى عليه فقط طبقا لهذه المادة نصها يمنع عند الانكار سماع دعوى الوقف أو الإقرار به أو استبداله أو الإدخال أو الإخراج وغير ذلك من الشروط التى تشترط فيه غلا إذا وجد بذلك إشهاد ممن يملكه على يد حاكم شرعى بالقطر المصرى أو مأذون من قبله كالمبين فى المادة ٣٤٦ من هذه اللائحة وكان مقيدا بدفتر إحدى المحاكم الرعية المصرية وكذلك الحال فى دعوى شرط لم يكن معروفا بكتاب الوقف المسجل وفى دعوى مستحق لم يكن من الموقوف عليهم وقت الدعوى بمقتضى ما ذكر ولا يعتبر الإشهاد السابق الذكر حجة على الغر إلا إذا كان هو أو ملخصه مسجلا بسجل المحكمة التى بدائرتها العقار الموقوف طبقا لأحكام المادة ٣٧٣ من هذه اللائحة) .
وحيث إن الإشهاد المسئول عنه صدر من الواقف سنة ١٩٢٧ م قبل العمل بالقانون المذكور وقد توفى الواقف أيضا قبل العمل بهذا القانون فيعتبر هذا الإشهاد تغييرا صحيحا فى مصارف الوقف الذى عناه الواقف فى هذا الإشهاد وذلك من الناحية الشرعية التى قررها فقهاء الشريعة الإسلامية فيجب العمل به ديانة أى فيما بين العبد وربه وخلاص ذمته لما ذكرنا ز إلا أنه لا تسمه به الدعوى عند إنكار المدعى عليه لأنه لم تتوافر فيه الشروط المنصوص عليها فى المادة ١٣٧ المذكورة كما انه ليس لنخلة ابن الواقف المذكور استحقاق واجب فى هذا الوقف بعد وفاة الواقف بمقتضى المادة ٢٤ من قانون الوقف المذكور.
لأن الواقف توفى قبل العمل بهذا القانون والاستحقاق الواجب لا يثبت له إلا إذا كانت وفاة أبيه الواقف بعد العمل بهذا القانون طبقا للفقرة الثالثة من المادة ٥٧ منه.
عن السؤال الثانى إذا فرض أن المستحقين لوقف هذه الأطيان خالفوا إرادة أبيهم الواقف ولم يذعنوا للحكم الشرعى والديانة وتعنتوا فى ظلم أخيهم نخلة المذكور فلم يقروا بحقه ويعطونه استحقاقه فى هذه الأطيان وديا تنفيذا لرغبة الواقف ولحكم الشرع والديانة وتمسكوا بحقهم القانونى واحتاج الأمر إلى رفع دعوى منه مطالبا بحقه وتقرر عدم سماعها لعدم وجود إشهاد رسمى تتحقق فيه الشروط المنصوص عليها فى المادة ١٣٧ المذكورة فإن الإشهاد المذكور لا يعتبر وصية بمقدار هذا الاستحقاق لأنه مما يشترط فى الموصى به شرعا وقانونا أن يكون مملوكا للموصى وقت الوصية.
ومما يجرى فيه الإرث ويقبل التمليك بأى عقد من العقود فى حياة الموصى وما أوصى به هذا الموصى فى الإشهاد المذكور ليس مملوكا له وقت صدور هذا الإشهاد، لأنه أوصى بعين موقوفة قبل صدور هذا الإشهاد بنحو سبع سنوات، وبمجرد صدور كتاب الوقف خرجت هذه العين عن ملكه فليس له ولا لغيره أن يتصرف فيها بأى تصرف من التصرفات، كما أن العين الموقوفة التى أراد الإيصاء بها لا تعتبر تركة عنه ولا يجرى فيها الإرث، وإذن تكون هذه الوصية بالنسبة لهذا القدر باطلة شرعا وقانونا، وفضلا عن ذلك فإن الموصى له ابن للموصى ومن ورثته والوصية للوارث لا تجوز مطلقا طبقا للأحكام التى تخضع لها هذه الوصية قبل العمل بالقانون الوصية رقم ٧١ لسنة ١٩٤٦ م إلا بإجازة باقى الورثة بعد وفاة الموصى.
وعلى هذا يكون هذا الإشهاد على اعتبار أنه وصية لا يثبت أى حق أيضا لابن الواقف المذكور يخول له الرجع بقيمة هذا الاستحقاق فى تركة والده المشهد.
عن السؤال الثالث أن المبلغ الذى شرطه الواقف لابنه نخله وهو اثنا عشر جنيها مصريا يعتبر مرتبا ثابتا لا يتأثر ملطقا بتغير الأسعار ولا بتغير قيمة الجنيه المصرى بالزيادة أو بالنقص ولا باختلاف الأزمنة لأنه لا يوجد بكتاب الوقف نص يدل على أن الواقف أراد ملاحظة هذه الاعتبارات والظروف بالنسبة لهذا المرتب ولم يشر إلى شئ من ذلك، فإذا أخذ زيادة على هذا المرتب تكون هذه الزيادة استحقاقا فى الوقف لم ينص عيها الواقف ولا استحقاق إلا بنص منه كما هو منصوص على ذلك فقها ومن هذا يعلم الجواب عن الأسئلة المذكورة.
والله سبحانه وتعالى أعلم