للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المصافحة بعد الصلاة]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

ما حكم الشرع فى مصافحة المصلين بعضهم لبعض عقب الانتهاء من صلاة الجماعة، وقولهم " حرما " وهل هذه بدعة محرمة؟

الجواب

مصافحة المسلم لأخيه عند اللقاء أصلها مستحب، وذلك لتوكيد الألفة والمحبة بين المسلمين، وقد وردت فى ذلك نصوص تدل على أنها كانت عادة جارية فعلها الصحابة كما أخرجه البخارى وغيره، وأقرها الرسول صلى الله عليه وسلم، بل حبب فيها بمثل قوله " ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يتفرقا " رواه أبو داود والترمذى وقال: حديث حسن.

ولم تكن المصافحة عقب الانتهاء من صلاة الجماعة معروفة أيام النبى صلى الله عليه وسلم ولكن حدثت بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى، بتأويل أن المصلين جماعة كانوا مع الله فى رحلة روحية، حطوا الرحال منها بالتسليم الذى برره البعض بأنه تحية لمن على يمين المصلى من الملائكة وغيرهم، لأنه كان منصرفا عنهم أثناء الصلاة.

ومع السلام عليهم كانوا يتصافحون بهذا المفهوم، ويدعو بعضهم لبعض أن يكون اللقاء فى الصلاة فى الحرم الشريف الذى تشد الرحال إليه لمضاعفة ثواب الصلاة وغيرها من الطاعات، ويختصرون هذا الدعاء بقولهم " حرما " كما يدعون لبعضهم بعد الوضوء أن يمن الله عليهم بالوضوء من ماء زمزم فى حج أو عمرة.

وتضاربت الأقوال فى هذا العمل الذى لم يكن أيام الرسول والصحابة وهم من يؤخذ عنهم التشريع فقال بعضهم إنه بدعة بالمعنى المذموم وهو كل بدعة ضلالة وقال بعضهم: إنه بدعة ولكن لا يوجد ما يصفها بأنها مذمومة وضلالة. حيث لم يرد نهى عنها، وكم من الأمور الحسنة حدثت بعد عهد التشريع ورأى الناس حاجتهم إليها فأخذوا بها وحرصوا عليها.

جاء فى كتاب " غذاء الألباب " للسفارينى ج ١ ص ٢٨٣ أن ابن تيمية سئل عن المصافحة بعد العصر والفجر هل هى سنة مستحبة أم لا؟ فأجاب بقوله: أما المصافحة عقب الصلاة فبدعة لم يفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يستحبها أحد من العلماء انتهى، قال السفارينى: ظاهر كلام العز بن عبد السلام من الشافعية أنها بدعة مباحة، وظاهر كلام الإمام النووى أنها سنة قال الحافظ ابن حجر فى شرح البخارى: قال النووى: وأصل المصافحة سنة وكونهم حافظوا عليها فى بعض الأحوال لا يخرج ذلك عن أصل السنة. قال الحافظ: وللنظر فيه مجال، وبعضهم أطلق تحريمها انتهى. ويتوجه مثل ذلك عقب الدروس ونحوها من أنواع مجامع الخيرات.

والوجه المختار أنها غير محرمة، وقد تدخل تحت ندب المصافحة عند اللقاء الذى يكفر الله به السيئات، وأرجو ألا يحتد النزاع فى مثل هذه الأمور. التى تفيد ولا تضر، وحديث مسلم صريح فى أن من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة

<<  <  ج: ص:  >  >>