[وقف ونظر]
المفتي
محمد بخيت.
ذو القعدة ١٣٣٣ هجرية
المبادئ
١ - يجب على الناظر حفظ نصف ريع الوقف حسب نص الواقف، ولا يمنع من ذلك ما شرط الواقف بناءه من ذلك النصف.
٢ - يجب على الناظر مشاركة الشركاء فى الدائرة فى الصرف على الدورين الثانى والثالث فى أى وقت أمكن ذلك.
٣ - ما استجد من أماكن اشتريت لجهة الوقف بمال الوقف تلحق بجهة الوقف إذا رضبى المستحقون بذلك وكانوا من أهل التبرع، ويكون حمها كحكمه وشرطها كشرطه، ويجب على الناظر العمل فى صافى ما استجد على الوجه الذى يعمله فى أصل الوقف
السؤال
من محمود أفندى فى أن المرحوم الحاج / أبو العينين حسن وقف جملة أماكن بثغر اسكندرية بخمس حجج من محكمة اسكندرية الشرعية، وجاء بمكتوب وقفه الأخير المحرر من المحكمة المشار إليها تحت نمرة ٦١ المؤرخ ١٠ ربيع أول سنة ١٣٠٩ أنه وقف وقفه وشرط فيه شروطا، منها أن يحفظ النصف من صافى غلة وقفه هذا وأوقافه السابقة الملحقة تحت يد الناظر على الوقف المذكور بعد إخراج ما شرطه الواقف المذكور ويبنى من النصف المحفوظ المذكور ثلاثة أدوار على قطعة الأرض الموقوفة المذكورة ثانيا بمكتوب وقفه المذكور، وأن يبنى دوران اثنان على الفرن والمفازتين المذكورين به أيضا من نص الغلة المذكورة، وأن يبنى دور ثان على الدار المذكورة ثانيا بمكتوب وقفه السابق المؤرخ فى تاسع عشر شعبان سنة ١٣٠٠ من الغلة المذكورة، وأنه إذا أراد الشركاء فى الدائرة السابق وقف نصفها من الواقف المذكور، المذكورة بمكتوب وقفه المؤرخ فى حادى عشر ربيع الأول سنة ١٢٨٥ نمرة ٢٠٣ أن يبنوا على الدائرة المذكورة دورا ثانيا وثالثا فعلى الناظر مشاركتهم فى الصرف على البناء المذكور من نصف الغلة المحفوظ المذكور بقدر ما يخص الوقف فيها، ويكون جميع بناء ما ذكر وقفا كأصله - ثم توفى الواقف المذكور وتنفذ جميع ما شرطه الواقف المذكور من البناء ما عدا الدائرة المشتركة المعلق بناؤها على رضاء الشركاء الذين لا يمكنهم المشاركة فى بناء المذكور لعدم مقدرتهم وقلة ريع وقفهم وكثرة عددهم، ولما امتنع الشركاء عن البناء مع الناظر لحالتهم هذه وتوفر مبلغ من النصف المحفوظ فى سنة ١٩٠٩ بأنه يستحق فى المبلغ المتوفر المتجمد فحكم فيها من محكمة اسكندرية الشرعية المرؤوسة بفضيلتكم بالآتى حيث إن الواقف شرط حفظ النصف من صافى غلة أوقافه تحت يد ناظر الوقف المذكور بعد إخراج ما شرطه الواقف المذكور على الوجه المشروح أعلاه ويبنى ثلاثة أدوار على الوجه المذكور المدون بكتاب رقفه المؤرخ ١٠ ربيع الأول سنة ١٣٠٩ نم- ٦١ ولم يبين ما يفعله الناظر بالنصف المحفوظ بعد البناء المذكور فلا يصرف منه شىء لمستحقيه إلا بشرط من الواقف يقتضى ذلك ولم يوجد ذلك وحينئذ يلزم عملا بشرط الواقف أن يستمر حفظ النصف من صافى ريع أوقافه المذكورة تحت يد الناظر، ولا يمنع من إتمام بناء ما شرط الواقف بناءه من ذلك النصف ولا تعذر بعض ما شرط بناؤه حيث صرح الواقف بأنه يبنى ما شرط بناؤه من النصف.
فبناء على ذلك قررنا نحن وحضرتا العضوين المشار إليهما منع على هذا المدعى من دعواه استحقاقه شيئا من صافى ريع الوقف المشروط حفظه تحت يد الناظر هذا المدعى عليه منعا كليا لعدم وجود شرط من الواقف يقضى استحقاقه شيئا منه صادر ذلك بحضور هذا المدعى عليه محمد المذكور وفى وجه على هذا وبحضور وكيله الشيخ حسن الملاحه وحكمنا لهذا المدعى عليه على هذا المدعى بما ذكر بحضور الشيخ محمد رجب هذا وكيل المدعى عليه - وتأيد هذا الحكم من محكمة استئناف مصر العليا، وبعد ذلك الحكم تقدم طلب من مقدم هذه الفتوى محمود كامل بصفته وكيلا عن والدته الست مسعودة بنت الواقف الناظرة الآن لفضيلتكم وقتما كنتم رئيسا لمحكمة اسكندرية الشرعية بطلب التحفظ على الغلة المحفوظة التى كانت مودعة تحت يد ناظر الوقف واستثمارها فتأشر على هذا الطلب بسحب المبلغ المتجمد وإيداعه بخزينة المحكمة على ذمة الوقف لمشترى أملاك وتضم لجهة الوقف وبناء على هذا التأشير تقرر من المجلس الشرعى باسكندرية بتاريخ ٢٢ فبراير سنة ١٩١٢ تحت رئاسة فضيلة الشيخ موسى كساب نائب المحكمة وقتها بمشترى نصف منزل كان شركة الوقف وفعلا اشترى هذا النصف وضمه لجهة الوقف، والآن تجمد مبلغ ينوف عن الألفين ومائتى جنيه وأن الدائرة المشتركة المعلق بناؤها على رضا الشركاء آيلة للسقوط وقل الانتفاع بها، وأن ناظر وقف البنان يريد استبدال النصف شركته فيها بمنزل آخر - فهل لو تم استبدال هذا النصف يجوز لناظر وقف أبى العينين المذكور أن يشترى هذا النصف ممن استبدله من ناظر وقفه ويكون للناظر أيضا هدم الدائرة المذكورة بأكملها وبناؤها من النص الذى اشترط الواقف حفظه تحت يد ناظر وقفه والبنا منه - وهل يجوز لناظر وقف أبى العينين أن يشترى أملاكا وتضم لجهة الوقف بما يتبقى من النصف المحفوظ الآن بعد إتمام جميع البناء المشروط بناؤه على الوجه المطلوب وغيره حيث قالوا إنه يفتى بكل ما هو أنفع لجهة الوقف، ويكون حكم ما اشترى حكم الوقف بحيث يصرف فى مصارف الوقف المذكورة الشرعية حسبما نص عليه الواقف فى كتاب وقفه وهل بعد ذلك يجوز صرف جميع صافى غلة الوقف المذكور مع ما يستجد من ريع الماكن التى تشترى لجهة الوقف فى مصارفه التى نص عليها الواقف ولا يلام الناظر على ذلك حيث يفهم من كلام الواقف ضمنا أن غرضه صرف ريع وقفه بأكمله لمستحقيه بعد إتمام بناء الجهات التى حددها ونص عليها فى كتاب وقفه أو ما الحكم فى ذلك أفيدنا بالجواب ولكم الثواب
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أولا عما يتعلق بحفظ نصف صافى الريع فيجب أن يتبع فيه ما دون بالحكم الصادر من محكمة اسكندرية الشرعية فى ١١ جمادى الأولى سنة ١٣٢١ هجرية و ٣١ مايو ١٩٠٩ أفرنكية المؤيد ذلك من لمحكمة اسكندرية رقم ٢٦ يونية ١٩٠٩ نمرة ١٣٨ المستخرجة صورته من تلك المحكمة بتاريخ ٢٧ مايو سنة ١٩١٥ و ١٥ رجب سنة ١٣٢٣ من أنه يلزم عملا بشرط الواقف أن يستمر حفظ نصف صافى ريع أوقاف الواقف المذكور تحت يد الناظر ولا يمنع منه ما شرط بناؤه من ذلك النف ولا تعذر بعض ما شرط بناؤه حيث صرح الواقف أنه يبنى ما شرط بناؤه من النصف المذكور، وفضلا عن ذلك فإن الواقف قال فى شطره وإنه إذا أراد الشركاء فى الدائرة السابق وقف نصفها من الواقف المذكور المذكورة بمكتوب وقفه المؤرخ فى ٢١ ربيع الأول سنة ١٢٨٥ المسجل بنمرة ٢٠٣ أن يبنوا على الدائرة دورا ثانيا وثالثا فعلى الناظر مشاركتهم فى الصرف على البناء المذكور من نصف الغلة المحفوظ المذكور بقدر ما يخص الوقف فيها، ويكون جميع بناء ما ذكر وقفا كأصله - وحينئذ يكون الصرف على البناء المذكور من نصف الغلة المحفوظ المذكور معلقا على إرادة الشركاء فى الدائرة المذكورة، وهذه الإرادة ممكنة وغير متعذرة لا فى الحال ولا فى الاستقبال، ومجرد امتناع الشريك عن البناء لا يقتضى التعذر، وحينئذ يكون الواجب على الناظر حفظ نصف صافى ريع أوقاف الواقف المذكور وأن ينفذ شرطه، وأن يشارك الشركاء فى الدائرة المذكورة فى الصرف على بناء الدور الثانى والثالث فى أى وقت أمكن ذلك فى الحال أو الاستقبال، لأن الواقف لم يخص ذلك بناظر معين على وقفه ولا بشريك معين فى تلك الدائرة - وأما شراء نصف الدائرة ممن استبدله من ناظر وقفه إذا تم استبداله بشىء من النصف المحفوظ فهذا يتوقف على إذن المحكمة الشرعية به.
ومتى كان الوقف على محتاج إلى العمارة جاز الشراء بإذن القاضى، وقد اختلف العلماء فى أنه يصير وقفا تبعا لأصله أو لا.
فذكر أبو الليث فى الاستحسان أنه يصير وقفا وهذا صريح فى أنه المختار كما قاله الرملى، ولكن فى التتارخانية والمختار أنه يجوز بيعها إن احتاجوا غليه كذا يؤخذ من رد المحتار على الدر والعمل على أنه يجوزب يعه ولا يصير وقفا.
نعم إن رضى جميع المستحقين لتلك الغلة بالمشترى ليكون وقفا ملحقا بأصله كان وقفا كما حصل فى المشترى لجهة ذلك الوقف المحرر به الحجة الشرعية من محكمة اسكندرية المؤخرة فى ٢٠ يناير سنة ١٩١٢ المستخرجة صورتها من تلك المحكمة فى ٢٧ مايو سنة ١٩١٥ فإن شراء العقار المبين بها من غلة الوقف كان بناء على طلب الناظر وجميع المستحقين لريع هذا الوقف فلذلك صارت الحصة المشتراة بموجب تلك الحجة جارية فى وقف الواقف - ومتى كانت الدائرة المشتركة المذكورة آيلة للسقوط فعلى ناظر الوقف مع الشركاء هدمها وعمارتها متى كان ذلك فى مصلحة الوقف، فإن امتنع الشركاء من مشاركته فيما ذكر وخيف الضرر على جهة الوقف رفع الناظر الأمر إلى القاضى لإجراء اللازم فى ذلك بما يقتضيه الحكم الشرعى، ويكون عمارة وبناء ما يخص الوقف فى تلك الدائرة من جميع غلة الوقف، لأن الواقف شرط أن يبدأ من غلة وقفه بعمارته وترميمه وما فيه البقاء لعينه والدوام لمنفعته ولو صرف فى ذلك جميع غلته، وأما أن الناظر يشترى أملاكا مما يبقى من النصف المحفوظ تحت يد الناظر من غلة الوقف إلى آخر ما بالسؤال فقد علم الحكم فى ذلك مما قدمناه عن رد المحتار من أنه إنما يشترى على وجه ما ذكر بإذن القاضى عند عدم حاجة الوقف للعمارة، وأن العلماء قد اختلفوا فى ضم ما يشترى لجهة الوقف وعدمه على الوجه الذى تقدم - وأما صرف جميع صافى غلة الوقف مع ما يستجد من ريع الأماكن التى تشترى لجهة الوقف فى مصارفه إلى آخر ما بالسؤال.
فالحكم الشرعى فى ذلك أن الواجب على الناظر أن يحفظ النصف من صافى غلة الوقف على حسب ما ذكرناه أولا وعلى حسب المبين بكتاب الوقف - وأما صافى ريع ما يستجد من الأماكن التى تشترى لجهة الوقف إن وقع ذلك الشراء بشروطه فمتى جرينا على القول بأنها تلحق بأصل الوقف أو رضى المستحقون جميعا وكانوا من أهل التبرع بإلحاقها بأصل الوقف وأن حكمها كحكمه وشرطها كشرطه وجب على الناظر أن يعمل فى صافى غلة ما يستجد على الوجه الذى يعمله فى صافى غلة الوقف الأصلى.
والله إعلم