[الاقرار بالاستحقاق فى الوقف]
المفتي
عبد المجيد سليم.
ذو القعدة ١٣٥٨ هجرية - ٣ يناير ١٩٤٠ م
المبادئ
١ - نص الفقهاء على أن اقرار المستحق باستحقاق غيره لما يستحقه فى الوقف أو لجزء منه يعمل به فى حق المقر ولو خالف كتاب الوقف، ما لم يوجد دليل أقوى من الاقرار يدل على كذب المقر فى اقراره.
٢ - لا يعتبر الاتفاق العرفى بين المستحقين إقرارا بما وقع عليه الاتفاق، والعبرة فى استحقاق المستحقين بما ورد فى كتاب الوقف
السؤال
من محمد داود قال ما قولكم أدام الله النفع بكم فى واقف وقف وقفه واشترط نص عليها فى وقفيته المسجلة فى سجل المحكمة الشرعية المصان عن شائنة التزوير وبعد وفاته قام البعض من أولاد أحفاده ممن يستحق ومن لا يستحق فى غلة الوقف المذكور وحرروا اتفاقا أمضاه البعض ولم يمضه الآخرون قالوا فيه (بتاريخه قد جرى الاتفاق بيننا نحن نسل المرحوم الشيخ فلان أن تقسم غلة وقفه الذى فى الوقفية الأولى مفصلا ومجملا فى الوقفية الثانية على أربعة وثلاثين سهما كما هو موضح بالمفردات أعلاه لورثة فلان اثنا عشر سهما ولورثة فلان تسعة أسهم ولورثة فلان أحد عشر سهما ولورثة فلان سهمان على أن من مات من الذكر وله ولد أو أسفل فنصيبه لولده ومن مات من الذكور عن غير ولد ولا أسفل أو من الإناث مطلقا فنصيبه لأصل الغلة واللبيان صار إعطاء هذا الشرح تحريرا) وحيث أراد المتولى أن يداوم على تقسيم غلة الوقف المذكور حسبما ذكر فى الورقة المذكورة أقيمت من بعض المستحقين فى المحكمة الشرعية دعوى ضد المتولى يطالب فيها باستحقاقه توفيقا لشرط الواقف، وأن المتولى أصر على إنكاره لكتاب الوقف وأدعى بأنه يقسم غلة الوقف حسب الاتفاق الجارى بين المرتزقة من القديم كما جرى عليه المتولون السابقون فحكمت المحكمة بأن كتاب الوقف المبرز فى القضية والمؤرخ ١٩ من ذى الحجة سنة ٢٠٥ وسجل فى الصفحة ١٤٧ من سجلاتها رقم ٢٢٥ هو كتاب الواقف المشار إليه وهو موافق لما فى سجله المصان عن شائبة التصنع والتزوير وهو من البينات التى يعمل بمضمونها بلا بينة (وقالت) حيث لا يجوز العمل بما يخالف شرط الواقف الثابت أصله فى دواوين القضاة واتباع المتولى قسمة ريع الوقف بناء على اتفاق جرى عليه هو ومن قبله غير جائز شرعا كما نصت عليه الكتب الفقهية المعتبرة وحكمت بتقسيم الغلة حسب شرط الواقف وتصدق هذا الحكم فى محكمة الاستئناف بعد أن قالت المحكمة المشار إليها فى قرارها الاستئنافى المتضمن رداستئناف المذكور وردا على ما جاء فى لائحته الاستئنافية بشأن إدعائه التصادق بناء على الاتفاق المزعوم المذكور أما دعوى التصادق فإن المستأنف لم يأت به أثناء التداعى بدعوى صحيحة بل كل ما قاله فى جلسات مختلفة لا يخرج فى معناه عن أن ريع الوقف يقسم من القديم حسب الاتفاق الجارى بين المرتزقة وحسبما جرى عليه المتولون السابقون على ما هو مبين فى دفتر المحاسبة مع أن دفتر المحاسبة هذا الموجود بين أوراق الدعوى إنما يشتمل على إحصاء واردات ونفقات الوقف وتوزيع الصافى على المستحقين وكل ذلك لا يجعل الدعوى بالتصادق صحيحة وبعد ذلك أقام ابن شقيقة المتولى المذكور وأحد الذين لا يستحقون فى الوقف توفيقا لشرط الواقف والحكم المشار إليه قضية لدى المحكمة المشار إليها يدعى فيها بأنه يستحق فى هذا الوقف بالتصادق مستندا فى دعواه إلى الورقة المزعومة المذكورة أعلاه وإلى دفتر محاسبة المتولى السابق والحالى والمذيل بعبارة بعد ذكر الواردات والمصارف (توزع الصافى حسب الاتفاق الجارى) مع اعترافه بشرط الواقف المبين بكتاب وقفه المذكور فهل والحالة هذه ١ - هل يجوز سماع الدعوى من أحد أولاد أحفاد الواقف كما جاء فى هذا الادعاء مع اعترافه بكتاب الواقف استنادا على هذه الورقة التى وقعت من بعض المستحقين وغيرهم غير عالمين بشرط الواقف وكيفية توزيع غلة الوقف بموجبها توفيقا لأحكام الشرع خصوصا بعد أن خاصم المتولى بشأن توزيع الغلة وذكره الاتفاق على تقسيمها ورد المحكمة هذا الادعاء كما جاء فى الحكم المذكور والمربوط صورة مصدقة عنه.
٢ - هل تعتبر مثل هذه الورقة التى هى عبارة عن اتفاق على تقسيم الغلة تصادقا شرعيا كما نصت عليه كتب الفقه المعتبرة شرعا خصوصا وبعد أن قالت المحكمة لا يجوز العمل بما يخالف شرط الواقف الثابت أصله فى دواوين القضاة فاتباع المتولى قسمة ريع الوقف بناء على اتفاق جرى عليه هو ومن قبله غير جائز شرعا كما نصت عليه الكتب الفقهية المعتبرة شرعا.
٣ - هل مثل هذا الاتفاق فى حالة إمضائه من كل أو من بعض ذرية الواقف يمكن الرجوع عنه حيث يعد أسقاطا لحق المستحق فى الوقف والحق لا يسقط بالاسقاط ويترتب على ذلك العمل بموجب شروط الواقف الذى فسرته المحكمة الشرعية توفيقا للحكم الشرعى.
٤ - هل يعد هذا تصادقا من بعض المستحقين لبعضهم ولغيرهم ممن هو غير مستحق عن بعض الاستحقاق وهل فيه مع وجود كتاب الوقف وانكشاف أحكام شروطه بموجب حكم المحكمة فى ذلك مع العلم بأن المستحقين حينما وقعوا على الاتفاق المذكور كانوا لا يعلمون كيفية قسمة غلة الوقف لابهام فى شرط الواقف ويجهل كل منهم مقدار استحقاقه حسب شرط الواقف أرجو من فضيلتكم بيان الحكم الشرعى فى كل ذلك تفصيلا وتنويرا لأفكارنا بنور علمكم الواسع
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال وعلى الأوراق المشار إليها به ونفيد أن الفقهاء قد نصوا على أن إقرار المستحق باستحقاق غيره لما يستحقه فى الوقف أو لجزء منه يعمل به فى حق المقر ولو خالف كتاب الوقف وعلى أنه يحمل هذا على أنه كان للواقف شرط التغيير فى المصارف وأنه غير على النحو الذى جاء بالإقرار ولكن محل ذلك مالم يوجد دليل أقوى من الإقرار يدل على كذب المقر فى إقراره كما يؤخذ مما قاله البيرى على الأشباه فى هذه المسألة ونقله عنه ابن عابدين فى رد المختار وتنقيح الحامدية ونقله صاحب تكملة رد المختار.
وموضع النظر الآن أنه هل يعتبر هذا الاتفاق إقرارا ممن أمضى عليه من المستحقين فيعمل به وإن خالف كتاب الوقف أم لا يعتبر إقرارا ويكون المعمول عليه هو كتاب الوقف.
والظاهر لنا أن هذا الاتفاق على الوجه الوارد بالورقة المرافقة للسؤال والمذكور نصه به لا يعتبر عرفا إقرارا بما وقع عليه الاتفاق وعلى ذلك فالظاهر لنا الاعتماد فى هذه الحادثة فى استحقاق المستحقين على ما جاء بكتاب الوقف وما يفيده ولا يعتمد على هذا الاتفاق لاسيما إذا صح ما جاء بالسؤال من أن من وقعوا على الاتفاق من المستحقين وغيرهم كانوا غير عالمين بشرط الواقف أو صح كونهم غير عالمين بكيفية توزيع غلة الواقف لإبهام فى شرط الواقف.
الخ. هذا ما ظهر لنا وبه يعلم الجواب عما طلب منا الإجابة عنه.
والله سبحانه وتعالى أعلم