[العقيقة]
المفتي
عطية صقر.
مايو ١٩٩٧
المبادئ
القرآن والسنة
السؤال
هل العقيقة واجبة أم سنة؟
الجواب
العقيقة هى الذبيحة عن المولود، وقد كانت معروفة عند العرب قبل الإِسلام، فكان إذا ولد لأحدهم غلام ذبح شاة ولطخ رأسه بدمها، فلما جاء الإِسلام أمر بذبح الشاة وحلق رأس المولود وتلطيخه بالزعفران، كما رواه أبو داود عن بريدة، وسميت العقيقة باسم الشعر الذى على رأس الصبى حين يولد، لأنه يحلق عند الذبح، وكذلك الحيوان حين يولد يسمى شعره عقيقة، واختلف الفقهاء فى حكمها على ثلاثة أقوال:
(أ) فقيل: إنها مكروهة، وذلك لخبر عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبى صلى الله عليه وسلم سئل عن العقيقة، فقال (لا أحب العقوق) .
ولأنها من فعل أهل الكتاب وجاء فى ذلك حديث البيهقى. أن اليهود تعق عن الغلام ولا تعق عن الجارية، ولما رواه أحمد أن الحسن بن على لما ولد أرادت فاطمة أن تعق عنه بكبشين فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم "لاتعقى، ولكن احلقى رأسه فتصدقى بوزنه من الورق -الفضة " ثم ولد الحسين فصنعت مثل ذلك.
وقد أجيب على الحديث الأول بأن النبى كره اسمها ولم يكره فعلها، وعلى الحديث الثانى بأن النبى ما كره من اليهود إلا تفرقتهم بين الغلام والجارية، حيث لم يعقوا عنها، وعلى الحديث الثالث بأنه لا يصح.
(ب) وقيل: إنها سنة، وبه قال أهل الحديث وجمهور الفقهاء، ولهم فى ذلك عدة أحاديث، منها " الغلام مرتهن بعقيقته، تذبح عنه يوم السابع، ويحلق رأسه " رواه أصحاب السنن من حديث سمرة بن جندب، وصححه الترمذى، ومنها حديث: أمر النبى صلى الله عليه وسلم بتسمية المولود يوم سابعه، ووضع الأذى عنه، والعق. رواه الترمذى أيضا.
ومعنى: مرتهن بعقيقته أنه لا ينمو نمو مثله، ولا يستبعد أن تكون سببا فى حسن نبات المولود وحفظه من الشيطان فهى تخليص له من حبسه ومنعه عن السعى فى مصالح أخرته. وقيل: أن المعنى إذا لم يعق عنه والده لا يشفع،له، كما قاله الإِمام أحمد، لكن التفسير الأول أحسن.
(ج) وقيل: إنها واجبة، وبه قال الليث والحسن وأهل الظاهر.
والسنة أن يعق عن الذكر بشاتين، وعن الأنثى بشاة، وذلك لحديث عائشة الذى رواه الترمذى، وقال: حسن صحيح.
قال العلماء: إن البنت كانت على النصف من الولد تشبيها للعقيقة بالدية.
وقالوا: إن أصل العقيقة يتأدى عن الغلام بشاة، لأن النبى صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن الذى ولد عام أحد، وعن الحسين الذى ولد بعده بعام، كبشا كبشا. والأكمل شاتان للولد، ففى موطأ الإمام مالك عن النبى صلى الله عليه وسلم " من أحب منكم أن ينسك عن ولده فليفعل، عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاة ".
والحكمة فى مشروعيتها أنها قربة إلى اللَّه، يرجى بها نفع المولود بدعاء الفقراء له عندما يطعمون منها، وهى أيضا شكر لله على نعمة الولد، فالذرية محبوبة طبعا ومطلوبة شرعا، بشر الله بها إبراهيم وزكريا عليهما السلام، وفيها أيضا: إشهار للمولود ليعرف نسبه وتحفظ حقوقه، وهى كفدية عنه، تشبها بفداء إسماعيل الذبيح بالكبش.
هذا، ويشبه العقيقة بالأضحية وفداء إسماعيل نقل عن الحنابلة أنه لو اجتمع يوم النحر مع يوم العقيقة يمكن الاستغناء بذبيحة واحدة عنهما إذا اجتمع يوم عيد مع يوم جمعة فإنه يكفى غسل واحد لهما