للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الكوثر]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

هل صحيح أن الكوثر نهر فى الجنة أعطاه الله للنبى صلى الله عليه وسلم؟

الجواب

يقول الله سبحانه {إنا أعطيناك الكوثر} وللعلماء كلام كثير فى المراد بالكوثر، فقيل هو الخير الكثير، وقيل هو النبوة، وقيل غير ذلك، وأقوى ما فسر به ما جاء فى صحيح مسلم وغيره أن النبى صلى الله عليه وسلم لما قرأ هذه السورة قال "أتدرون ما الكوثر"؟ قلنا: الله ورسوله أعلم،فقال "نهر وعدنيه ربى، عليه خير كثير، وهو حوض ترد عليه أمتى يوم القيامة، آنيته عدد النجوم، فيُختلجُ العبد منهم فأقول: رب إنه من أمتى، فيقول: ما تدرى ما أحدث بعدك "ومعنى يختلج ينزع ويبعد، وروى أحمد فى مسنده أن رجلا سأل النبى صلى الله عليه وسلم ما الكوثر؟ فقال "نهر فى الجنة يسيل فى حوضه، لهو أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل " وجاء فى صحيح البخارى أنه "نهر فى الجنة يسيل فى حوضه، مجراه على الدر والياقوت " وفى سنن النسائى "ترابه المسك وحصاه اللؤلؤ والياقوت، وماؤه أحلى من العسل وأبيض من اللبن وأبرد من الثلج ".

وحوض النبى صلى الله عليه وسلم أكبر الحياض وأكثرها واردة، ففى حديث الترمذى "إن لكل نبى حوضا، وإنهم يتباهون بأكثرهم واردة، وإنى أرجو أن أكون أكثرهم واردة" وجاء فى روايات البخارى ومسلم "أن حوض الرسول صلى الله عليه وسلم مسيرة شهر، ماؤه أبيض من اللبن وريحه أطيب من المسك وكيزانه كنجوم السماء، من شرب منه لا يظمأ أبدا" وفى رواية "حوضى مسيرة شهر وزواياه سواء، وماؤه أبيض من الوَرِق " أى الفضة، وفى رواية لهما أيضا ما يفيد أن بعض من يردون الحوض من أمته يمنعون عنه ويذهب بهم إلى النار لأنهم ارتدوا على أدبارهم فلا يخلص منهم إلا مثل همل النعم، أى ضوالها. ومعناه الناجى قليل كقلة الضالة من الغنم بالنسبة إلى جملتها "الزرقانى على المواهب ج ٥ ص ٣٤، الترغيب ج ٤ ص ١٤٤- ١٤٧ ".

تلك بعض الأحاديث التى فسرت الكوثر بأنه نهر فى الجنة بهذه الأوصاف الطيبة، وهو يصب فى حوض الرسول الذى يكون فى المحشر قبل دخول الجنة، وأن الذى سيشرب منه هم الثابتون على الإيمان والتقوى حتى الموت، وأن مقدار ما يشربه المؤمن من الحوض يقدر بدرجة حبه للنبى صلى الله عليه وسلم والحب له آثار فى السلوك على هدى الأسوة الحسنة

<<  <  ج: ص:  >  >>