هل يجوز للزوج أو الزوجة أن يفشى السر الخاص بينهما لطلب مشورة أو حل مشكله؟
الجواب
إفشاء السر له خطورته، وبخاصة إذا كان فى الأمور الهامة، على المستوى العام كأسرار الدول والحكومات، وعلى المستوى الخاص كأسرار الأسر والشركات والجماعات، وإفشاء السر منهى عنه لما فيه من الإيذاء والتهاون بحقوق الغير، فى الحديث الذى رواه أبو داود والترمذى وحسَّنه "إذا حدَّث الرجل الحديث ثم التفت فهى أمانة" وفى تاريخ الإسلام أحداث كان إفشاء السر فيها خطيرا، من ذلك نقل حاطب بن أبى بلتعة سر مسيرة النبى وصحبه لغزو مكة، ولم يعصمه من القتل إلا أنه قد شهد بدرا، وكان قصده حسنا، ونقل بعض أزواج النبى صلى الله عليه وسلم حديثه إلى بعضهن كما قال تعالى {وإذ أسر النبى إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرَّف بعضه وأعرض عن بعض} التحريم: ٣.
ومن الأسرار التى لها حرمتها ما يحصل بين الزوج وزوجته فى الخلوة الخاصة، وقد أخرج أحمد بن حنبل عن أسماء بنت يزيد بن السكن أنها كانت عند الرسول والرجال والنساء قعود عنده فقال "لعل رجلا يقول ما فعل بأهله، ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها" فأرمَّ القوم، أى سكتوا، فقالت يا رسول الله، إى والله إنهم ليفعلون، وإنهن ليفعلن، فقال ما معناه:"فلا تفعلوا، فإنما مثل ذلك مثل شيطان لقى شيطانة فكان منهما ما كان والناس ينظرون " وروى مسلم قوله صلى الله عليه وسلم "إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفض إلى المرأة وتفضى إليه، ثم ينشر أحدهما سر صاحبه ".
هذا فى السر الخاص، أما الأسرار الأخرى للبيوت فلا ينبغى إفشاؤها لغير من تهمهم مصلحة الأسرة من الأقارب، بل إن البيوت الكريمة تحاول أن تخفى أسرارها حتى عن أقرب الناس إليها، لأن السر إذا خرج أوغر الصدر، إلى جانب ما يترتب عليه من آثار ضارة، أقلها الشماتة عند معرفة العيوب التى يشكو منها أحد الزوجين، وكثير من الناس يتصيدون أخبار البيوت للإفساد، وللنساء فى مجالسهن الخاصة أحاديث متشعبة وخبر أم زرع بشأن النسوة اللاتى تحدثن عن أزواجهن معروف.
على أنه لا بأس بإفشاء بعض الأسرار عند الحاجة بقصد الإصلاح، كما شكت هند إلى النبى تقتير زوجها أبى سفيان، وذلك عند التقاضى، أما الحديث لمن لا يرجى عنده إصلاح فممنوع، ففى حديث مسلم "ومن ستر مسلما ستر الله فى الدنيا والآخرة" ومن كتم سره كان الخيار بيده