إذا ارتكب إنسان ذنبين كبيرين يستحق فيهما عقوبة الرجم والقذف، فهل تنفذ عليه عقوبة القذف ثم الرجم أم ماذا يفعل؟
الجواب
قرر الإسلام عقوبات دنيوية على بعض الجرائم كالسرقة والزنا وشرب الخمر، وبعض هذه العقوبات يقضى على الحياة، كالقصاص فى القتل العمد، وكالرجم فى الزنا إذا وقع من المحصن وكالقتل للمرتد عن الدين. قال صلى الله عليه وسلم " لا يحل دم امرىء مسلم إلا بإحدى ثلاث، الثيب الزانى والقاتل والتارك لدينه المفارق للجماعة" رواه البخارى ومسلم، وبعض العقوبات لا يفضى إلى الموت كقطع اليد فى السرقة والجلد فى شرب الخمر وفى القذف وفى الزنا إذا وقع من غير المحصن [والمحصن هو الذى سبق له زواج] .
فلو اجتمعت عقوبتان على إنسان، احداهما فيها قضاء على حياته والأخرى ليس فيها قضاء على حياته، فهل تنفذ العقوبتان، أو يكتفى بواحدة منهما؟ هناك رأيان للعلماء تحدثوا عنهما فى مثال، وهو الجمع بين الجلد والرجم، وذلك بناء على الأحاديث الواردة فيهما، فقال أبو حنيفة ومالك والشافعى: يكتفى بأغلظ العقوبتين وهى الرجم، وأما أحمد بن حنبل فعنه روايتان، الأولى كرأى الأئمة الثلاثة وهو أظهر الروايتين، والثانية يجمع بين العقوبتين، فيجلد أولا ثم يرجم.
دليل مذهب الجمهور أن النبى صلى الله عليه وسلم رجم ماعزا والغامدية ولم يجلد واحدا منهما، كما رواه أحمد، وقال لأنيس الأسلمى "فإن اعترفت فارجمها" ولم يأمر بالجلد كما رواه الجماعة.
أما الرواية الثانية عن أحمد فى الجمع بين العقوبتين، فدليلها ما رواه مسلم وغيره عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "خذوا عنى، خذوا عنى، قد جعل الله لهن سبيلا، البكر بالبكر جلد مائة ونفى سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم " وجاء عن على كرم الله وجهه أنه جلد امرأة يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة وقال: أجلدها بكتاب الله وأرجمها بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال بهذا الرأى من التابعين الحسن البصرى، وقال به ابن حزم وإسحاق بن راهويه.
ولكن الجمهرر ردوا على ذلك بأن عدم الجمع بين العقوبتين هو من رواية أبى هريرة وهو متأخر فى الإسلام فيكون ناسخا لما سبق من إقامة الحدين. ويؤكد ذلك أن أبا بكر وعمر رضى الله عنهما لم يجمعا فى خلافتهما بين الحدين ما دام فى أحدهما إزهاق الروح، وهو أكبر ما تتحقق به حكمة العقوبة من الزجر عن ارتكابها ومن الجبر بعدم العقوبة الأخروية عليها.
وقد يفسر الجمع بببن العقوبتن بما رواه أبو داود عن جابر بن عبد الله أن رجلا زنى بامرأة فأمر به النبى صلى الله عليه وسلم فجلد الحد، ثم أخبر أنه محصن فأمر به فرجم يعنى لم يعلم أولا أنه محصن فجلده، ولو علم أولا أنه محصن ربما لم يجلده بل يكتفى بالرجم.
والرأى المختار هو الاكتفاء بأغلظ العقوبتين ولا داعى للجمع بينهما