هل هناك حكمة فى كون الركوع واحدا والسجود اثنين فى الصلاة؟
الجواب
العبادات نظام اختاره الله ووضحه الرسول لنتقرب به إلى رب العزة سبحانه، ولذلك يجب فيها الاتباع والالتزام، وإذا كانت هناك حكمة منصوص عليها لهذا النظام كان بها، وإلا فإن عقل المؤمن يمكن أن يفكر ويستنبط الحكمة، وقد يصيب فيها وقد يخطىء، وذلك لا يغير من الحكم شيئا.
ولعل فى كون السجود فى الصلاة مرتين والركوع مرة واحدة إرغاما للشيطان، وإظهارا له أن ابن آدم الذى هو أبو البشر، والذى أمره الله بالسجود تحية له واحتراما - ابن آدم هذا أمره الله فى الصلاة أن يسجد فسجد، وكان سجوده مرتين تأكيدا لطاعته لله سبحانه، وعدم استكبار عليه كما استكبر إبليس ورفض أمر الله، فتكرار السجود تأكيد للامتثال، وذلك كما قال فى التلبية: لبيك اللهم لبيك، يعنى إجابة بعد إجابة.
ومن أجل ظهور الخضوع له بقوة فى السجود بكونه مرتين كان فضل الله عظيما للساجدين جاء فيه الحديث الذى رواه مسلم "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا من الدعاء".
ويؤكد أن تكرار السجود فيه إغاظة للشيطان قول النبى صلى الله عليه وسلم كما رواه مسلم أيضا "إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكى ويقول يا ويلاه، أمر هذا بالسجود فسجد، وأمرت أنا بالسجود فعصيت، فلى النار""الترغيب والترهيب للحافظ المنذرى ج ٢ ص ١٣٧ ".
وإذا كان هذا حال الشيطان عندما يسجد ابن آدم لله سجدة واحدة إذا قرأ آية فيها سجدة -وربما لا تتيسر له هذه القراءة إلا فى فترات متباعدة- فكيف يكون حال الشيطان فى ذلته وحسرته إذا تكرر سجود ابن آدم فى اليوم الواحد أربعا وثلاثين مرة فى الصلوات المفروضة بل يتكرر أكثر من ذلك إذا صلى النوافل؟ ومن هنا نعلم أهمية السجود الذى جاء التعبير به أحيانا كمن الصلاة كلها.
فقد روى مسلم وغيره أن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله عن أحب الأعمال إلى الله، أو عن عمل يدخله الجنة فقال له "عليك بكثرة السجود، فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة، وحط عنك خطيئة" وروى مسلم أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لربيعة بن كعب، لما سأله الدعاء لله بمرافقته فى الجنة "فأعنِّى على ذلك بكثرة السجود" والمراد الصلاة.
وإذا كان الركوع مرة واحدة فهو كسائر أركان الصلاة يكون مرة واحدة فى كل ركعة، وذلك كله اقتداء بالنبى صلى الله عليه وسلم القائل "صلوا كما رأيتمونى أصلى" رواه البخارى