[الزكاة وعقود التأمين على الحياة]
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
٨ ربيع الأول ١٤٠٠ هجرية - ٢٦ يناير ١٩٨٠ م
المبادئ
١ - العدل بين الأولاد من واجب الآباء،حتى لا يزرعوا الحقد والكراهية بين أولادهم.
٢ - لا يحتسب ما يؤديه الشخص لوالديه أو أحدهما من مصاريف من زكاة المال.
٣ - له احتساب ما يؤديه للأخ أو الأخت من مصاريف من مال الزكاة إن لم تكن نفقتهما واجبة عليه.
٤ - له احتساب ما يدفعه مساعدة للمحتاج من الزكاة.
٥ - له احتساب تبرعه لبناء جامع من الزكاة إن كانت الجهة فى حاجة إلى هذا المسجد.
وذلك كله بشرط أن تكون نيته وقت الدفع احتساب المدفوع من زكاة المال فى الأحوال التى أجيز فيها.
٦ - صدقة الفطر وزكاتها تجب على رب الأسرة عن كل من يعوله ويقيم فى معيشته - سواء كان من الصائمين أو المفطرين.
ومن أجل هذا تسمى فى عرف بعض الفقهاء زكاة الرءوس.
٧ - عقود التأمين بوصفها السائد ذات القسط المحدد غير التعاونى من العقود الاحتمالية تحوى مغامرة ومخاطرة ومراهنة.
فتكون فاسدة وتحرم شرعا
السؤال
بالطلب المقدم من السيد / م م م - الموظف الدولى بهيئة الأمم المتحدة بمكتب داج همرشلد - المتضمن أن السائل يطلب الإجابة على الأسئلة الآتية: ١ - هل يجوز أن أعطى أولادى ما لدى من نقود كما أريد، يعنى واحدا أكثر من الآخر، علما بأن عندى ثلاث بنات متزوجات وولد متزوج وعنده ابن صغير وثلاثة أولاد غير متزوجين فى الدراسة.
٢ - أنا أقوم بتقديم مصاريف شهرية لوالدى ووالدتى وأخى وأختى هل هذه المصاريف تخصم من زكاة المال - وأيضا إذا تبرعت لأعمال خيرية مثل بناء جامع أو مساعدة محتاج.
٣ - عندى أولاد يصومون رمضان وأولاد لا يصومون رمضان.
هل يجوز إخراج الزكاة على الذين لا يصومون رمضان.
٤ - يخصم منى شهريا من مرتبى مبلغ للتأمين على الحياة من مدة ١٣ سنة.
فما حكم الشرع فى هذا
الجواب
عن السؤال الأول ورد فى كتاب نيل الأطار للإمام الشوكانى ج - ٦ ص ٨ ما نصه: ١ - عن النعمان بن بشير قال قال النبى صلى الله عليه وسلم (اعدلوا بين أبنائكم.
اعدلوا بين أبنائكم. اعدلوا بين أبنائكم) رواه أحمد وأبو داود والنسائى.
٢- وعن جابر قال (قالت امرأة بشير انحل ابنى غلاما وأشهد لى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن ابنة فلان سألتنى أن أنحل ابنها غلامى.
فقال: له إخوة قال نعم.
قال فكلهم أعطيت مثل ما أعطيته قال لا. قال فليس يصلح هذا وإننى لا أشهد إلا على حق) رواه أحمد ومسلم وأبو داود ورواه أبو داود من حديث النعمان بن بشير وقال فيه (لا تشهدنى على جور إن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم) .
وعلى ذلك يكون العدل بين الأولاد من واجب الآباء حتى لا يزرعوا الحقد والكراهية بين أولادهم.
ومن أجل ذلك فقد امتنع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشهادة على منحة أحد أصحابه لأحد أولاده بعد أن علم منه أنه لم يمنح باقى الأولاد مثلها.
وقال صلى الله عليه وسلم فى هذا (لا تشهدنى على جور إن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم) .
عن السؤال الثانى أجمع أهل العلم على أن الزكاة لا يجوز دفعها إلى الوالدين فى الحال التى يجبر فيها الدافع إليهم على الإنفاق عليهم.
لأنه إذا وجبت النفقة عليه يكون دفع الزكاة إليهم إغناء لهم عن النفقة فيعود النفع إليه، فكأنه دفعها إلى نفسه، فلم تجز كما لو قضى بها دينه ولأن مال الولد مال لوالديه.
لحديث (أنت ومالك لأبيك) وكذلك لا يجوز دفع الزكاة للأولاد لأنهم جزء الأب.
والدفع منه إليهم يكون كالدفع لنفسه. وأيضا الزوجة لأن نفقتها واجبة عليه.
وما يدفع للأخ أو الأخت يجوز أن يكون من الزكاة إذا كانت نفقتهما لا تلزم الدافع شرعا إذ أن من وجبت نفقته على قريبه لم يجز دفع زكاته إليه عند أكثر العلماء.
والتبرع لمساعدة المحتاج يجوز احتسابها من الزكاة إذا كانت النية وقت التبرع منعقدة لاحتسابها من الزكاة، ولا تجزىء النية اللاحقة.
والتبرع لبناء جامع يجوز احتسابه من الزكاة إذا كانت الجهة التى يبنى فيها فى حاجة إليه بمعنى أنه لا يوجد مسجد يتسع للمسلمين الموجودين فيها.
أما إذا وجد المسجد الذى يتسع، فلا يجوز وفقا لما جرينا عليه فى تفسير قوله تعالى {وفى سبيل الله} على أن تقارن نية احتساب التبرع للمسجد من الزكاة وقت الدفع للجهة التى تقوم على بنائه بالمعنى سالف الذكر.
لما كان ذلك فإنه ليس للسائل أن يحتسب ما يؤديه لوالديه أو لأحدهما من مصاريف، من زكاة ماله، وله احتساب ما يؤديه لأخيه أو أخته إن لم تكن نفقتهما أو أحدهما واجبة عليه شرعا فى الحال، وله احتساب ما يدفعه مساعدة لمحتاج من الزكاة.
وكذا احتساب تبرعه لبناء جامع من الزكاة، إن كانت الجهة فى حاجة إلى هذا المسجد.
وذلك كله بشرط أن تكون نيته وقت الدفع فيما يجوز احتساب المدفوع من زكاة المال فى الأحوال التى أجيز فيها هذا على ذلك الوجه.
عن السؤال الثالث صدقة الفطر وزكاتها تجب على رب الأسرة عن كل من يعوله ويقيم فى معيشته، سواء كان من الصائمين أو من المفطرين.
ومن أجل هذا تسمى فى عرف بعض الفقهاء زكاة الرءوس أى لأنها تجب عن كل إنسان يمونه رب الأسرة ويتولى أمره.
عن السؤال الرابع إنه بتتبع قواعد الشريعة الإسلامية وأحكامها يثبت أنه لا يجب على أحد ضمان مال لغيره بالمثل أو بالقيمة، إلا إذا كان قد استولى على هذا المال بغير حق، أو أضاعه على صاحبه، أو أفسد عليه الانتفاع به بطريق مباشر أو بالتسبب، وأسباب الضمان المشروع فى هذه الأوجه لا يتحقق فى شركة التأمين على الحياة ذات القسط المحدد.
وهى فى الواقع شركة ضمان لسلامة الأنفس، وهو ما لا يجوز الضمان فيه شرعا، ولأن فى عقد التأمين على الحياة غررا، بمعنى أنه لا يمكن لأحد المتعاقدين أو كلاهما وقت العقد معرفة مدى ما يعطى أو يأخذ بمقتضى هذا العقد والغرر والمخاطرة مبطلة للعقود فى الإسلام لما كان ذلك فإن عقود التأمين على الحياة بوضعها السائد - ذات القسط المحدد غير التعاونى من العقود الاحتمالية تحوى مقامرة ومخاطرة ومراهنة وبهذا تكون من العقود الفاسدة بمعايير العقود فى فقه الشريعة الإسلامية والعقد الفاسد يحرم شرعا على المسلم التعامل بمقتضاه، وكل كسب جاء عن طريق خبيث فهو حرام.
والله سبحانه وتعالى أعلم