للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الصلاة والزينة]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

يقول الله تعالى {يا بنى آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد} الأعراف: ٢١، فهل يجوز للمرأة أن تصلى بالماكياج؟

الجواب

جاء فى سبب نزول هذه الآية ما رواه مسلم عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: كانت المرأة تطوف بالبيت وهى عريانة وتقول: من يعيرنى تِطْوافًا؟ تجعله على فرجها، وتقول.

اليوم يبدو بعضُه أو كلُّه * وما بدا منه فلا أُحِلُّه فنزلت هذه الآية {خذوا زينتكم عند كل مسجد} وقال القاضى عياض:

هذه المرأة هى ضُباعة بنت عامر بن قُرْط، وفى صحيح مسلم أيضا: كانت العرب تطوف بالبيت عراة إلا الحُمْس: قريش وما ولدت، كانوا يطوفون بالبيت عراة إلا أن تعطيهم الحمس ثيابا، فيعطى الرجالُ الرجالَ، والنساءُ النساءَ، وكانت الحمس يخرجون من المزدلفة، وكان الناس كلهم يقفون بعرفات.

وفى غير مسلم: ويقولون: نحن أهل الحرم، فلا ينبغى لأحد من العرب أن يطوف إلا فى ثيابنا، ولا يأكل إذا دخل أرضنا إلا من طعامنا، فمن لم يكن له من العربى صديق بمكة يعيره ثوبا، ولا يسارٌ يستأجره به كان بين أحد أمرين: إما أن يطوف بالبيت عريان، وإما أن يطوف فى ثيابه، فإذا فرغ من طوافه ألقى ثوبه عنه فلم يمسه أحد، وكان ذلك الثوب يسمى اللَّقَى، قال قائل من العرب:

كَفَى حَزَنًا كَدِّى عليه كأنه * لَقًى بين أيدى الطائفين حريم فكانوا على تلك الجهالة والبدعة والضلالة حتى بعث الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى {يا بنى آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد} الآية. وأذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا يطوف بالبيت عريان.

ومعنى هذا أن الطواف بالمسجد الحرام لابد فيه من أخذ الزينة، وهى ستر العورة، لكن الآية لا تتحدث عن المسجد الحرام الذى لا يصح الطواف إلا فيه، بل قالت "كل مسجد" ولهذا قال بعض المفسرين: المراد إذا ذهبتم للصلاة فى أى مسجد فخذوا زينتكم.

ويصح أن يراد بالزينة ستر العورة فى الصلاة، وكانوا لا يهتمون بها، فقد صح فى البخارى والنسائى عن عمرو بن سلمة قال: لما رجع قومى من عند النبى صلى الله عليه وسلم قالوا: قال "ليؤمكم أكثركم قراءة للقرآن " قال:

فدَعَوْنى فعلَّمونى الركوع والسجود، فكنت أصلى بهم - وكان صبيًّا - وكانت علىَّ بردة مفتوقة-ثوب مشقوق -وكانوا يقولون لأبى: ألا تغطى عنا است ابنك -ألا تغطى عورته -هذا لفظ النسائى.

وثبت عن سهل بن سعد قال: لقد كان الرجال عاقدى أزرهم فى أعناقهم من ضيق الأزر، خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الصلاة كأمثال الصبيان، فقال قائل: يا معشر النساء لا ترفعن رءوسكن حتى ترفع الرجال. أخرجه البخارى والنسائى وأبو داود.

ورأى جماعة أن زينة الصلاة هى النعال، لأن النبى صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم "خذوا زينة الصلاة " فسألوه: وما زينة الصلاة؟ قال " البسوا نعالكم فصلوا فيها" قال القرطبى: رواه أنس عن النبى صلى الله عليه وسلم ولم يصح "ج ٧ ص ١٨٩، ١٩٠ " وذكر ابن كثير أن تفسير الزينة بالنعال فيه نظر فى صحته عن النبى صلى الله عليه وسلم، وذكر أن من السنة التجمل عند الصلاة ولاسيما يوم الجمعة، ومنه الطيب والثياب البيض.

وأورد فيها حديثًا بإسناد حسن رواه أهل السنن وكان بعض السلف إذا توجه إلى المسجد أخذ كل أدوات الزينة تنفيذًا لأمر الله تعالى.

بعد هذا نقول:

إن من زينة المرأة ما تستعمله من أصباغ ودهون وعطور، فهل يجوز لها أن تصلى بها؟ نعم يجوز ما دامت صلاتها فى بيتها أو فى مكان ليس فيه رجال أجانب. بشرط أن يكون " الماكياج " بعد الوضوء أو الغسل، أما قبل ذلك فلابد من إزالته حتى يصح التطهر ولا يجوز بعد الصلاة أيضا أن تظهر للأجانب بهذه الزينة حتى لا يضيع ثواب الصلاة أو يقل

<<  <  ج: ص:  >  >>