[لا يقع الطلاق بالحديث النفسى]
المفتي
جاد الحق على جاد الحق.
ربيع الأول ١٤٠٠ هجرية - ١٠ فبراير ١٩٨٠ م
المبادئ
١ - لا يقع الطلاق بالحديث النفسى ولا بنيته دون التلفظ به وذلك عند سائر فقهاء المذاهب عدا رأى مرجوح لبعض فقهاء المذهب المالكى.
٢ - قول الرجل لزوجته (سننفصل) لا يقع به طلاق لأنه وإن كان من كنايات الطلاق إلا أنها كناية غير منجزة لاقترانها بحرف السين ولو اقترنت بنيته باطنا
السؤال
بالطلب المقدم من السيد / م ص ع من الولايات المتحدة الأمريكية المقيد برقم ٣٦٤ لسنة ١٩٧٩.
وخلاصته أن السائل متزوج منذ عامين وأنه مريض يحتاج إلى الراحة، وأنه بعد أن يعاشر زوجته جنسيا يشعر بتعب شديد بسبب مرضه، وفى أحد الأيام بعد مواقعته زوجته شعر بالتعب فهجر حجرة نومها وعزم على أن ينام فى حجرة ثانية أى أن ينفصل فى نومه عنها، إلا أن عقله يخاطبه باطنا أن ينفصل، وأنه لا يذكر هل قال ذلك لزوجته أو لا ونام منفصلا عنها لمدة عشرة أيام، وبعدها عاد لينام فى فراش زوجته وخالطها، وجرت الحياة بينهما طبيعية، ولكن الألم عاوده شأنه فى ذلك عقب المباشرة الجنسية لزوجته، فانفرد عنها فى النوم مرة أخرى، ونوى الانفصال عنها، وقال لها (سننفصل) وكل منا حر فى حياته، ثم استمرا على الانفصال فى نومهما طوال أسبوعين، ثم واصلها جنسيا وعادت حياتهما لمجراها الطبيعى وعاوده الألم والتعب مرة أخرى، ثم نوى الانفصال أيضا وقال لزوجته (سننفصل) وكل منا حر فى حياته.
ثم نام فى حجرته وانفصل عنها، وبعد أسبوع تقريبا قالت له زوجته هل كنت تنوى فعلا فى كل مرة أن ننفصل.
فأجابها نعم، فقالت له إنه لا يمكننا أن نعود لبعض مرة أخرى.
وسأل الطالب هل هذه المرات تعتبر طلاقا مع أنه لم ينطق فى أى مرة لفظ الطلاق.
ولكن فى نفس الوقت كان ينوى باطنا الانفصال بمعنى الطلاق، وقد قالها فى مرتين سننفصل بمعنى أن كلا منا حر فى حياته.
ولا يذكر هل قال لها كذلك فى المرة الأولى أم لا
الجواب
لفظ الطلاق قد يكون صريحا منجزا كقول الزوج لزوجته أنت طالق وقد يكون كناية منجزة مقترنة بنية الطلاق غير مضاف ولا معلق ولا مقترن بما يفيد التسويف والتأخير مثل السين وسوف كقوله لها (أنت حرة أو الحقى بأهلك أو انفصلى عنى) مع نية الطلاق بهذه الألفاظ وأنه فى الحالتين الصريح المنجز والكناية المنجزة مع النية - يقع بهما الطلاق.
ولا يقع بغير لفظ إلا إذا كتب الزوج الطلاق باسم الزوجة ونواه مقترنا بالكتابة أو إذا طلق الأخرس زوجته بالإشارة، لأن الإشارة والكتابة تقومان مقام اللفظ مع نية الطلاق سواء فى الصريح أو الكناية.
وقد أخذ بهذا القانون رقم ٢٥ لسنة ١٩٢٩ فى المادة الرابعة منه المعمول به فى القضاء المصرى.
أما الحديث النفسى بالطلاق أى بمجرد نية الطلاق فقط بدون تلفظ به.
فيرى سائر فقهاء بمجرد النية فقط لا يقع. هذا وقد استدل فقهاء المذاهب على أن الطلاق بمجرد النية فقط أى بالحديث النفسى بدون لفظ لا يقع بما رواه النسائى والترمذى من حديث أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال (إن الله تعالى تجاوز لأمتى عما حدثت به أنفسها مالم تكلم أو تعمل به) .
وبما رواه أيضا النسائى عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم.
قال (إن الله تعالى تجاوز عن أمتى كل شىء حدثت به أنفسها مالم تكلم به أو تعمل) .
وفى رواية أخرى له أيضا عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال (إن الله عز وجل تجاوز لأمتى ما وسوست به وحدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم به) يراجع فى هذا كتاب المغنى لابن قدامة ج - ٨ ص ٢٧٣ - ٢٨٣ (وكتاب مواهب الجليل بشرح مختصر خليل ج - ٤ ص ٥٨ وصحيح الترمذى للامام ابن العربى المالكى ج - ٥ ص ١٥٦، ١٥٧ ولما كان الظاهر من السؤال أن السائل لم ينطق بلفظ الطلاق الصريح المنجز (أنت طالق) كما لم ينطق بلفظ الكناية المنجزة (ننفصل) .
بل قال لزوجته مرتين كل مرة على حدة (سننفصل) فإن هذا اللفظ وإن اعتبر من كنايات الطلاق إلا أنها كناية غير منجزة لاقترانها بحرف السين فلا يقع بها الطلاق ولو اقترنت بنيته باطنا.
وبهذا يعلم الجواب إذا كان الحال كما ورد بالسؤال. والله سبحانه وتعالى أعلم