عندما أقيم للصلاة وكان الإمام الراتب غائبا تقدم أحد الناس لإمامة المصلين، وبعد الإحرام للصلاة حضر الإمام وأحس به الإمام فخرج من الصلاة لياخذ الإمام الراتب مكانه فما حكم الدين فى ذلك؟
الجواب
إن صلاة الجماعة تصح خلف من تصح صلاته لنفسه بشرط ألا يكون أنقص من المأمومين بعيب يتجاوز عنه لتعذر إصلاحه، كالألثغ أو الفأفاء الذى لا يحسن القراءة فإن إمامته لا تجوز إلا لمن هو مثله، ولا تجوز للسليم من هذه الحالة.
وإذا كانت هناك سلامة من مثل هذه العيوب فيسن أن يقدم أفضلهم أو أحسنهم، كما صح فى الاحاديث التى منها ما رواه مسلم "إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة أقروهم " ولو خولف ذلك فالصلاة صحيحة، (انظر ص ٦١١ من المجلد الرابع) وبخصوص ما جاء فى السؤال روى البخارى ومسلم عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بنى عمرو بن عوف ليصلح بينهم، فحانت الصلاة، فجاء المؤذن إلى أبى بكر فقال: أتصلى بالناس فأقيم؟ قال: نعم، قال: فصلى أبو بكر فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس فى الصلاة فتخلص حتى وقف فى الصف، فصفق الناس، وكان أبو بكر لا يلتفت فى الصلاة، فلما أكثر الناس التصفيق التفت فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار إليه رسول الله، أن امكث مكانك، فرفع أبو بكر يديه فحمد الله على ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك ثم استأخر أبو بكر حتى استوى فى الصف، وتقدم النبى صلى الله عليه وسلم فصلى ثم انصرف فقال "يا أبا بكر ما منعك أن تثبت إذ أمرتك " فقال أبو بكر: ما كان لابن أبى قحافة أن يصلَّى بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما لى رأيتكم أكثرتم التصفيق؟ من نابه شىء فى صلاته فليسبح، فإنه إذا سبح التفت إليه، وإنما التصفيق للنساء".
وجاء فى "نيل الأوطار للشوكانى ج ٤ ص ١٥٨ " أن هذا الحديث فيه من العلم أن المشى من صف إلى صف يليه لا يبطل، وأن حمد الله لأمر يحدث والتنبيه بالتسبيح جائزان وأن الاستخلاف فى الصلاة لعذر جائز من طريق الأولى، لأن قصاراه وقوعها بإمامين.
ومن فوائد الحديث جواز كون المرء فى بعض صلاته إماما وفى بعضها مأموما، وجواز رفع اليدين فى الصلاة عند الدعاء والثناء، وجواز الالتفات للحاجة، وجواز مخاطبة المصلى بالإشارة، وجواز الحمد والشكر على الوجاهة فى الدين، وجواز إمامة المفضول للفاضل وجواز العمل القليل فى الصلاة وغير ذلك من الفوائد