أجمع الفقهاء على أمرين بالنسبة للمرأة إذا كانت حائضا أو نفساء وهما، عدم وجوب الصوم عليها، وعدم صحته إذا صامت بل على حرمة صومها. يقول الخطيب الشافعى فى كتابه الإقناع "ج١ ص ٢٠٥ " قال الإمام: وكون الصوم لا يصح منها لا يدرك معناه: لأن الطهارة ليست مشروطة فيه، وهل وجب عليها ثم سقط، أو لم يجب أصلا وإنما يجب القضاء بأمر جديد.
وجهان أصحهما الثانى، قال فى البسيط: وليس لهذا الخلاف فائدة فقهية، وقال فى المجموع: يظهر هذا وشبهه فى الأيمان والتعاليق بأن يقوله: متى وجب عليك صوم فأنت طالق انتهى كلام الخطيب.
ليس هناك دليل قولى من القرآن والسنة يحرم الصيام على المرأة عند وجود الدم فالإجماع فقط هو الدليل وحاول بعض العلماء أن يأخذ عليه دليلا من حديث الصحيحين عن عائشة رضى الله عنها قالت: كنا نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة، فقال: الأمر بقضاء الصوم يستلزم بطلانه لو حدث منها فى رمضان، لكن ليس ذلك مطردا، فإن القرآن أوجب القضاء على المريض والمسافر، ومع ذلك يجوز أن يصوم كل منهما ويقع الصوم صحيحا.
فلعل عدم وجوب الصوم على المرأة مع وجود الدم تشريع سابق متعارف عليه وأقره النبى صلى الله عليه وسلم والحكمة فى ذلك ليست بوجود الجنابة، فالجنابة بغير الدم لا تمنع الصوم ولا تبطله، فلو حدثت جنابة باتصال جنسى قبل الفجر، أو باحتلام ليلا أو نهارا، ثم استمر من عليه الحدث طول النهار بدون غسل فإن صومه صحيح وإن كانت هناك حرمة لترك الصلوات التى تحتاج إلى طهارة، وقد ثبت فى الصحيحين عن عائشة رضى الله عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم "كان يصبح جنبا وهو صائم ثم يغتسل.
كما أن الحكمة ليست المرض الذى يسببه نزول الدم فإن المرض لا يمنع من الصيام ويجزئ، لأن الفطر رخصة لا عزيمة، وفطر صاحبة الدم عزيمة لا رخصة.
والخلاصة أن دليل بطلان الصوم ممن عليها الدم هو الإجماع، والحكمة غير متيقنة، والمتيقن هو وجوب. الإعادة عليها كما فى الصحيحين من دلالة خبرهما على العلم اليقينى فى أحكام الفروع