المبيت بمنى ليالى التشريق واجب من واجبات الحج، لو ترك كان فيه هدى، وهو شاة فمن لم يستطع صام عشرة أيام، ثلاثة فى الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله، وكيف يصوم الأيام الثلاثة فى الحج؟ قيل يصومها ما دام موجودا هناك لم يعد إلى وطنه، وقيل فى موسم الحج، وقيل أيام التشريق الثلاثة للضرورة كما قال عبد الله بن عمر وعائشة رضى الله عنهما: لم يرخص فى أيام التشريق أن يُصَمْنَ إلا لمن لا يجد لهدى وترك المبيت ليلة كترك المبيت فى الليالى الثلاثة - والمراد بالمبيت الحضور بمنى معظم الليل، سواء فى أوله أو فى آخره.
والمبيت واجب ليلتين إذا نفر قبل غروب شمس اليوم الثانى من أيام التشريق، وهو اليوم الثانى عشر من ذى الحجة، فإن غربت عليه الشمس بمنى وجب أن يبيت فيها، وهو واجب عند الأئمة الثلاثة، وجعله أبو حنيفة مندوبا، من تركه فلا شىء عليه. وأطال مدة النفر من اليوم الثانى عشر فجعلها حتى قبيل فجر اليوم الثالث عشر. وقال ابن حزم: من لم يبت فى منى فقد أساء ولا شىء عليه.
ومن قالوا بعدم وجوبه استندوا إلى ما رواه ابن أبى شيبة عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: إذا رميت الجمار فبت حيث شئت.
والكل متفق على أن المبيت يسقط عن ذوى الأعذار، فقد روى البخارى أن العباس عم النبى صلى الله عليه وسلم استأذنه أن يبيت بمكة ليالى منى من أجل سقايته، فأذن له. وروى أصحاب السنن الأربعهَ:
أبو داود وابن ماجه والنسائى والترمذى وقال الترمذى: هو صحيح - عن عاصم بن عدى أن النبى صلى الله عليه وسلم رخص للرعاة أن يتركوا المبيت بمنى.
وعلى هذا لو كان المبيت بمنى فيه مشقة على مريض لا يجد علاجا أو راحة فيها فبات بمكة يمكن أن يأخذ برأى أبى حنيفة ومن معه بأن المبيت سنة لا شىء فى تركه، وإن كان الأولى أن يذبح مراعاة لرأى الجمهور القائل بأن المبيت واجب، وإذا قيس المرض على أعذار السقاة فلا شىء على ترك المبيت بمنى