[أنواع الإحرام]
المفتي
عطية صقر.
مايو ١٩٩٧
المبادئ
القرآن والسنة
السؤال
أريد أن أؤدى الحج والعمرة معا فى سفرة واحدة فكيف أقوم بهما؟
الجواب
قال تعالى {وأتموا الحج والعمرة لله} البقرة: ١٩٦، فالحج واجب على كل مستطيع فى العمر مرة واحدة، كما أن العمرة واجبة عند الشافعى وأحمد وسنة عند أبى حنيفة ومالك.
وأعمال العمرة تؤدى داخل مكة، فهى طواف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة، ثم تحلل منها بحلق الشعر أو تقصيره، أما أعمال الحج فتؤدى فى مكة بالطواف والسعى والحلق، وخارج مكة بالوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة وبمنى ورمى الجمرات فيها.
والذى يقصد بيت الله فى أشهر الحج - شوال وذى القعدة وذى الحجة - ويريد أن يؤدى الحج والعمرة له أن يختار فى إحرامه إحدى الكيفيات التالية:
الأولى: أن ينوى أداء العمرة فقط، بعد أن يلبس ملابس الإحرام وقبل أن يصل إلى الميقات، فإذا وصل مكة طاف سبعا بالبيت ثم سعى سبعا بين الصفا والمروة، ثم حلق بعض شعره أو قصره.
وبهذا تمت عمرته، ويخلع ملابس الإحرام ويلبس ملابسه العادية ويتمتع بما كان محظورا عليه أثناء الإحرام، من مثل الطيب وقص الشعر والأظافر والاتصال الجنسى.
وعليه مقابل ذلك أن يذبح شاة، لقوله تعالى {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى} البقرة: ١٩٦.
وعندما يحين الخروج إلى عرفات يحرم بالحج من المكان الذى هو فيه بعد أن يلبس ملابس الإحرام، ثم يقف بعرفة ويفيض منها إلى المزدلفة بعد المغرب، ويمكث بها مدة بعد منتصف الليل، ثم يصبح يوم العيد فى منى ويرمى جمرة العقبة وهى الكبرى ثم يقص بعض شعره، وهنا يجوز له أن يخلع ملابس الإحرام ويلبس الملابس العادية ويمكث فى منى ثلاثة أيام لرمى الجمار، أو يذهب إلى مكة ليطوف طواف الإفاضة، ويسعى بين الصفا والمروة يوم العيد، ثم يعود إلى منى ليبيت فيها ويرمى الجمرات وهذه الكيفية وهى تقديم العمرة على الحج فى أشهره تسمى بالتمتع.
الثانية: أن ينوى قبل الوصول إلى الميقات الإحرام بالحج فقط، وعند وصوله مكة يطوف طواف القدوم -وهو سنة-ويسعى بين الصفا والمروة إن أراد، ويمكث ملتزما للإحرام حتى يقف بعرفة ويتمم أعمال الحج بالمبيت بمزدلفة ورمى الجمرات والمبيت بمنى والطواف، والسعى إن لم يكن سعى بعد طواف القدوم، وبالحلق أو التقصير.
وهذه الكيفية من الإحرام تسمى الإفراد.
وبعد أن ينتهى من الحج يمكن أن يحرم بالعمرة من مسجد عائشة بالتنعيم، ويؤدى أعمالها المعروفة وليس عليه فى هذه الكيفية هدى.
الثالثة: أن ينوى الحج والعمرة معا فى إحرام واحد قبل الميقات، فإذا وصل مكة طاف طواف القدوم وسعى ووقف بعرفة وبات بالمزدلفة ورمى جمرة العقبة صباح يوم العيد ثم حلق -ثم طاف طواف الإفاضة وسعى إن لم يكن سعى بعد طواف القدوم، ثم كمل أعمال الحج برمى الجمرات والمبيت بمنى، وهذه الكيفية من الإحرام تسمى "القران ". وفيها هدى كهدى التمتع، لأنه طاف طوافا واحدا - سبعة أشواط - وسعى سعيا واحدا-سبعة أشواط -عن الحج والعمرة معا. ففى مقابل راحته بعدم تكرر الطواف والسعى يلزمه الهدى.
والإنسان حُرّ فى أن يختار أية كيفية من هذه الكيفيات، حسب ظروفه وحالته الصحية أو المالية أو غيرها، والمهم أنه أدى النسكين فى رحلة واحدة، وبرئت ذمته من أداء الواجب وإن كان الفقهاء اختلفوا فى أيها أفضل بناء على اختلافهم فى حج الرسول وإن صحح بعضهم أنه كان قارنا لأنه ساق الهدى فذهبت الشافعية إلى أن الإفراد والتمتع أفضل من القران، لأن المفرد والمتمتع يأتى بكل من النسكين بكمال أفعاله، أما القارن فيقتصر على عمل الحج وحده. وفى التفاضل بين التمتع والإفراد قولان.
والحنفية قالوا: القرآن أفضل من التمتع والإفراد، والتمتع أفضل من الإفراد.
والمالكية قالوا: الإفراد أفضل من التمتع والقران.
والحنابلة قالوا: التمتع أفضل من القران ومن الإفراد، لأنه الأيسر، وقد تمناه النبى صلى الله عليه وسلم لما رواه مسلم عن جابر أن أصحاب النبى فى حجهم معه أحرموا بالحج وحده، أى مفردين، فلما كان صبح الليلة الرابعة من ذى الحجة أمرهم أن يحلوا من الإحرام وأباح لهم أن يأتوا نساءهم قبيل الوقوف بعرفة، ثم خطب فيهم فقال: " قد علمتم أنى أتقاكم وأصدقكم وأبركم، ولولا هديى لحللت كما تحلون، ولو استقبلت من أمرى ما استدبرت لم أَسُقِ الهدى، فحلوا " فحللنا وسمعنا وأطعنا